في حديث مع اللواء رضا يعقوب المحلل الإستراتيجى والخبير الأمني ومكافحة الإرهاب يقول أوقعت حملات القصف الأخيرة التي تشنها تركيا وإيران على مناطق الأكراد فى سوريا والعراق عشرات الصحايا بين قتيل وجري ح وتثير هذه الحملات المخاوف من تصعيد خطير هناك ما أسباب استهداف هذه المناطق وما تداعيات ذلك؟ تركيا تكثف من غاراتها الجوية ضد مناطق الأكراد في سوريا والعراق منذ تفجير إسطنبول في 13 نوفمبر / تشرين الثاني ما هي أهدافها الحقيقية؟ الأكراد شعب بلا دولة، يتراوح عددهم بحسب المصادر بين 25 و 35 مليون نسمة. ويقطن الأكراد الذين تجمعهم قواسم ثقافية وعرقية مشتركة بشكل أساسى فى أربع دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا. ويشكل السنة غالبيتهم. ورغم ذلك، فالأكراد فى الدول الأربعة لا يمتلكون ممثلين لتبادل الآراء أو لإتخاذ سياسات أو لتشكيل وحدات دفاع مشتركة، وهو الأمر الذى يعرضهم من حين لآخر الى هجمات من دول المنطقة خاصة من تركيا وإيران وإن تباينت أسباب إستهدافهم. خلال السنوات الأخيرة، تعرض الأكراد فى شمال سوريا لهجمات يشنها الجيش التركى بشكل منتظم تحت زعم محاربة الإرهاب، وقبل أيام، كثفت تركيا هجماتها في ىمناطق الأكراد فى إطار عملية “المخلب-السيف” داخل الأراضى السورية وأيضاً ضد حزب العمال الكردستانى فى شمال العراق الذى تحمله أنقرة مسئولية التفجير الإرهابى الذى إستهدف إسطنبول فى 13 نوفمبر /تشرين الثانى وأودى بحياة ستة أشخاص فضلاً عن جرح أكثر من 80 آخرين. وقد نفى حزب العمال الكردستانى وما تُعرف بـ وحدات حماية الشعب الكردية” أى مسئولية عن التفجير. وقد أسفرت الغارات التركية عن مقتل أكثر من 180 كردياً بينهم من مقاتلين ومدنيين منذ بداية الحملة العسكرية، فيما إتهمت أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية بإطلاق قذائف إستهدفت بلدة كركميش جنوب البلاد مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. ورغم إدراج تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستانى على قائمة الإرهاب، الا أن وضع وحدات حماية الشعب الكردية” يمثل نقطة خلاف، وخاصة بين أنقرة وواشنطن حيث دعمت الأخيرة ما تُعرف بـ قوات سوريا الديمقراطية” التى تشكل قوات حماية الشعب الكردية عمودها الفقرى، إبان الحرب ضد داعش فى سوريا عام 2016. الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يهدد بتوسيع نطاق العملية العسكرية التركية فى شمال سوريا والعراق، هل يستطيع تنفيذ تهديداته؟ يشار الى أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أكد خلال عودته من قطر حيث حضر إفتتاح مونديال كأس العالم، أن عملية “المخلب-السيف” لن تقتصر على “الغارات الجوية” فى إشارة ضمنية الى إمكانية ان تشن تركيا هجوما برياً داخل الأراضى السورية. وسبق للجيش التركى أن شن فى السابق ثلاث هجمات برية داخل سوريا منذ 20ً16 فيما تسيطر أنقرة فى الوقت الحالى على مساحات شاسعة من شمال البلاد على طول منطقة الحدود المشتركة التى يقطنها حوالى 4 ملايين شخص غالبيتهم من الأكراد. ورغم تمكن القوات الحكومية السورية من إستعادة السيطرة على غالبية البلاد بفضل الدعم الروسى الذى بدأ منذ عام 2015، الا أن مناطق فى الشمال الشرقى ومدينة إدلب فى الشمال الغربى، مازلت خارج سيطرة الجيش السوري. ويرى مراقبون أن الرئيس التركى ربما يرمى من وراء الحملة العسكرية فى الأراضى السورية الى إجبار الأكراد الذين يقطنون المناطق الحدودية على الإبتعاد من أجل إفساح المجال لإعادة توطين اللآجئين السوريين. ويضيف المراقبون أن أردوغان يرغب من وراء ذلك بكسب ود الناخبين الأتراك قبل إجراء الإنتخابات الرئاسية العام المقبل فى ظل تزايد الإستياء فى تركيا تجاه اللآجئين السوريين وهو الأمر الذى ساهم فى تراجع شعبيته وشعبية حزبه “العدالة والتنمية ولم تتوقف أهداف عملية “المخلب-السيف” على إستهداف مناطق الأكراد فى سوريا بل إمتد القصف التركى الى منطقة جبل قنديل فى شمال العراق المتاخمة للحدود الإيرانية، وتقول أنقرة أن مسلحى حزب العمال الكردستانى يتخذون من المنطقة مقراً لهم، فيما أفاد مسئولون أكراد بمقتل أكثر من 30 مسلحاً من الحزب خلال 25 غارة جوية. وفى رد فعلها، أعربت واشنطن عن معارضتها للحملة العسكرية التركية فى العراق حيث أكدت الخارجية الأمريكية فى بيان أن واشنطن ما زالت تعارض أى عمل عسكرى غير منسق فى العراق وينتهك سيادته” تزامنت الغارات التركية مع إعلان الحرس الثورى الإيرانى تصعيد الهجمات ضد ما إعتبره “مقار ومراكز المؤامرة وأماكن إنتشار وتدريب وتنظيم الخلايا الإنفصالية المعادية لإيران وأفادت وسائل إعلام إيرانية بمقتل 26 شخصاً خلال الغارات الإيرانية فى شمال العراق. وتشهد إيران إحتجاجات عارمة منذ وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أمينى أثناء إحتجازها من قبل الشرطة الإيرانية فى طهران فيما كانت شرارة الإحتجاجات مراسم تشييعها فى مسقط رأسها بمدينة سقز بمحافظة كردستان فى غرب إيران. وتلقى الحكومة الإيرانية باللآئمة فى تصاعد الإحتجاجات على كيانات إيرانية كردية معارضة تتمركز فى إقليم كردستان العراق. فى المقابل، يرى مراقبون أن هناك ميليشيات وقوى سياسية مناوئة للحكومة الإيرانية فى شمال العراق، لكن آخرون شككوا فى إرتباط هذه الكيانات بالاإحتجاجات العارمة فى إيران، كما تزعم طهران. وفى ذلك، قال فاراز فيروزى، المحامى الحقوقى والناطق بإسم منظمة “هنغاو” الكردية لحقوق الإنسان ومقرها النرويج، فى مقابلة سابقة مع DW إنه ربما يوجد بعض الأشخاص من بين المتظاهرين يتعاطفون مع الأحزاب السياسية، لكن لا توجد قيادة إحتجاجية تابعة لأى حزب سياسى ويعود فرار الأكراد الإيرانيين من بلادهم صوب مناطق الأكراد فى العراق الى فترة قيام الجمهورية الإسلامية فى إيران عام 1979 إذ قاطع أكراد إيران الإستفتاء الذى مهد الطريق أمام إنشاء الجمهورية الإسلامية فى البلاد. ويقول الخبراء إن إيران تحاول منذ وقت ليس ببعيد ممارسة الضغط على السلطات الكردية فى كردستان العراق للسيطرة بشكل أفضل على الأحزاب السياسية الكردية الإيرانية سواء من خلال وضع أعضائها داخل معسكرات أو نزع سلاحهم أو حتى ترحيلهم الى دول أخرى.