إن بسط السؤال وطرح التساؤل من أجل الجواب الشافي لأسباب ومسببات اغتيال الفكر العربي، يرجع بنا إلى طرح إشكالية مخاض عقيم تعاني منه عقلية المثقف العربي تحت سيطرة المغريات و ألم الأوهام وتلوث مصادر كسب المال وانصهار الدين مع الخليط السياسي الفاسد ، بمعنى التجانس الكامل والتآنس التام بين الجراثيم من الأثرياء وتجار الدين والساسة. من هذا المنطلق نستشف الأسباب التالية: -تضارب المصالح السياسية والدينية – انخراط المال في العمل السياسي -احباط الانتاج الفكري المتميز -الاهتمام بنشر التفاهات من أجل تضليل القارئ -تأثير المحتويات الرخيصة على السواد الأعظم من الناس -انسلاخ المثقفين عن مبادئهم مقابل المال والشهرة -فساد المنظومة التعليمية. أما المسببات تشمل: – الجمود الفكري المتعصب للشعوب – تأثيرات الأعيان المباشرة على العشيرة خدمة لمصالحها – تبعيات المستعمر من العملاء الذين ينعمون بخيرات البلدان – زرع الفزع والهلع بين العامة خوفا من شرارة الثورات الشعبية. – ضرب القدرة الشرائية و الطاقات المعرفية وخلق صراعات داخلية وخارجية بين الشعوب من غرض التشويش عن الحقائق الصادمة. – فشل الفقراء في التنظيم المحكم والتنسيق فيما بينهم بسبب الوشاية والتبليغات. – المضايقات والضغوطات اللاقانونية. نتيجة هذه الأوضاع، تراجعت خصائص الفكر والمجتمع مما ساهم في ظهور شوائب مستعصية وانحطاطا مدويا بسبب التوعكات التي نالت من جسم الفكر العربي رغم التبريرات الخاطئة المألوفة و التطور الحضاري الذي خلف نوعا من التوافق حول تيمة الانحطاط والمساهمة في اغتيال الفكر العربي. الخلط الواضح في فهم حقيقة التحولات الفكرية التي يسجلها الرأي العام العربي والدولي، دفع بالمنخرطين في دحض هذه المنظومة الفكرية العميقة إلى البحث عن حلول خاطئة مستفزة، كما أن هناك من يعتقد أنها صيرورة لم تكتمل بعد ،بينما يظل الآخرون في حالة حيرة وذهول بين آفاق أخلاقيات الفكر الثقافي القديمة والتأثير المباشر لتعدد الايديولوجيات التي أفسدت المفهوم المشرف للفكر الذي يمثل حلقة وصل بين الأخلاق والقيم والنضج الثقافي كرسالة يستفيد منها الجميع والانسان كفاعل إيجابي يبحث عن الاستقرار الفكري والمادي والروحي. لأن انعكاس النظام الكوني على صعيد تراتبيات المجتمع الانساني هو بمثابة سلسلة الموجودات التي تمثل المواد الاولية والآليات النزيهة طبق معايير محددة، فالانفصال عن أسس الآفاق الاجتماعية كفكر وثقافة ووجود، جعل الفرد يفقد شيئا جوهريا كالمثالية والتضحية في سبيل مبدأ أو قضية، لأن الفرق بين الفردانية والذات يغيب عن الواقع المنظورات الواسعة هذا ما يقلص من حياتنا ويبعدها عن المجتمع. لذا من الواجب تقويم الآليات البسيطة من غرض تيسير درك غاية فكرية معينة، فالنجاعة القصوى والانتاجية الفائقة من حيث المحتوى الفكري هما المعيارين المحددان للنجاح كغاية مؤكدة. إذ ما الفائدة من الذكاء الفكري في ظل انعدام الحكمة.