الاستقلال الذاتي غير كاف لتحديد ماهية السلوك عند البشر بعد تحديد التنشئة الاجتماعية ونظرية الاستيعاب، إذ أكدت مجموعة من الدراسات قوة تحليل الذاكرة أثناء الفراغ كفضاء مناسب للتدقيق في التفاصيل بجدية ومنطق نقدي إيجابي للذات في علاقتها بالفكر والمادة. فالصيغة النقدية للفكر في المجتمع تتمثل في سلطة التحكم في تصرفات الفرد وتجعله يتصرف وفق مصالحها من أجل تدوير إنتاجها كمادة دسمة،أما الاستقلالية الفردية تعدو أن تكون وهما ذاتيا، لأن السلوكات الاجتماعية ما هي إلا خضوعا للنظام الاجتماعي المسيطر ، هذا النوع من التنشئة ما هو إلا إعادة برمجة الافراد لإعادة إنتاج نظام اجتماعي بنفس الأسلوب مع تغيير الأسماء . إن لجوء الناقد للعقل العربي إلى وضع الفكر في قلب الثقافة العربية يمهد لتحرير المقيدين بالتقليد تجاه التراث والحداثة وإضاءة الطريق لهما للسير قدما نحو نور العقل. فعملية إعادة البناء المسبوقة بعملية تحرير الذات العربية من نفسها ومن غيرها تتم بفعل الفكر، من أجل إصلاح العقل المتجلي في منهج الخطاب العربي المعاصر، كمرجع لأسسه المعرفية وتمهيدا لخلق نهضة جديدة على أنقاض نهضة القرن التاسع عشر الفاشلة، من غرض إعادة الحياة، مما سينعكس على إصلاح العقل كفكر في التفاعل بينه وبين إصلاح الواقع. لكن يبقى التنسيق بين الماضي والحاضر والشريعة والحكمة والتاريخ الموثوق هو الارتباط المحوري في حالة الفراغ لتحليل الذاكرة ونجاعة الحوار في المشروع العلمي في مساره العقلاني النافع كمنطلق للإختلاف المرتبط بالنقد من باب الاعتراضات التي يوردها المتحاورين بأدلة مقبولة وثابتة لا تستند على الأساليب الإستدلالية ذات طابع تشبيهي وقياسي محدود، من أجل استنباط الآليات الإنتاجية التي تشكل المضامين الحقيقية تطويرا وتوسيعا وتلوينا وتكوينا، ومراعاة لأحدث مستجدات البحث العلمي وأرسخ مقتضياته الخصوصية. لأن الارتباك في تفعيل المفاهيم نقلا وإبداعا من خلال العقل تضفي عليه صفة القلق وعدم الاستقرار في وضعه.إذ يظل تفكير الانسان العربي بيانيا وليس برهانيا، لأن معايير التقسيم العقلاني تتمثل في المنطق واللغة والعلم والمعرفة والمنهجية لتحديد مستويات التفاعل بين الأدلة المبنية على الخلفيات التصويرية بتقدم البحث العلمي في علاقة الفكر بالمادة.