متابعه / محمد مختار تعتبر جامعة القرويين أول جامعة في العالم، وأقدم مؤسسة تعليمية لا زالت قائمة حتى الآن، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 859م، وذلك على يد الأميرة فاطمة الفهري، وهي تقع في مدينة فاس في المغرب وتزيّنها الفنون الأندلسية المزخرفة بالخط الكوفي، وتضم مكتبة الجامعة حالياً العديد من المخطوطات الثمينة، ومن ضمنها نسخ قديمة للقرآن الكريم. هاجرت فاطمة الفهري مع والدها محمد الفهري من القيروان في تونس، إلى مدينة فاس في المغرب، لينضموا هناك إلى مجموعة من المهاجرين القيروانيين الذين قطنوا المنطقة الغربية من فاس، ثم ورثت هي وأختها مريم ثروة كبيرة عن والدهما الذي كان رجل أعمال معروف، لتُنفق فاطمة هذه الثروة بالكامل في بناء مسجد أُطلق عليه فيما بعد اسم جامع القرويين. كان الهدف من بناء المسجد هو توفير مركز تعليمي للقيروانيين إضافة إلى العبادة، لذلك سرعان ما تطور هذا المسجد إلى مكان لدراسة العلوم الدينية، وإدارة النقاشات السياسية، ثم تمدد بشكل تدريجي ليشمل جميع المواد وخاصة العلوم الطبيعية؛ حيث تم فيه تدريس القرآن والفقه، والقواعد اللغوية، والبلاغة، والمنطق، والطب، والرياضيات، وعلم الفلك، والكيمياء، والتاريخ، والجغرافيا، والموسيقى، الأمر الذي جذب العلماء والطلاب إليه من جميع أنحاء العالم الإسلامي. يُعتبر مسجد القرويين مركز الجامعة التي تحمل الاسم ذاته، وقد اشتُهرت الجامعة منذ العصور الوسطى الأوروبية كمركز لنشر وتعليم الثقافة الإسلامية، وقد جاء الكثير من المسلمين الأندلسيين بعد خروجهم منها بداية القرن الثالث عشر إلى فاس وإلى هذا المسجد، جالبين معهم المعرفة المتعلقة بالفنون والعلوم الأوروبية والمغربية. بلغ عدد طلاب الجامعة بحلول القرن الرابع عشر نحو ثمانية آلاف طالب، تراجعت أعدادهم تدريجياً بعد ذلك حتى حلول القرن العشرين، حيث استعادت الجامعة في ذلك الوقت بعض آثار عظمتها السابقة، ثم تم العمل بعد استقلال المغرب عام 1956م على تحديث الجامعة؛ حيث تم إنشاء كلية جديدة للقانون، واعتماد نظام المحاضرات فيها.