لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى أنا من الجيل الذي تربى على ثورة يوليو 52، وعاش على أغانيها وأناشيدها بدءاً من أغنية “ع الدوار” للرائع محمد قنديل التي غناها في الأيام الأولى من الثورة، إلى أغاني عبد الحليم حافظ، مطرب ثورة يوليو. أنا من ذلك الجيل الذي آمن بالقومية العربية، من خطب عبد الناصر، أنا من أبناء ذلك الجيل الذي عاش انتصارات ثورة يوليو؛ من تأميم قناة السويس، وصد العدوان الثلاثي على بورسعيد، إلى هزيمة عام 67، ووصول المحتل الإسرائيلي لسيناء ورفع علمه على الضفة الشرقية لقناة السويس. وأنا، شخصياً، من ذلك الجيل الذي كانت مبادئ ثورة 52، أحد أهم أسباب التحاقه بالقوات المسلحة المصرية، حباً وعشقاً وإخلاصاً لتراب هذا الوطن، تلك الرغبة التي تأكدت أثناء حرب 56، التي عاصرتها في مدينتي الحبيبة بورسعيد، وعاهدت نفسي، حينها، أن أصبح أحد ضباط القوات المسلحة، بعدما فتحت ثورة يوليو بوابات الكلية الحربية، ليلتحق بها أبناء الطبقة المتوسطة، ويصيروا ضباطاً في جيش مصر العظيم. وتخرجت في الكلية الحربية، ومرت الأعوام، وبعثت للدراسة في إنجلترا، بعد انتصار قواتنا المسلحة في حرب أكتوبر 1973، فأتاحت لي مكتبة كلية كمبرلي الملكية، فرصة الاطلاع على أرشيف الصحف البريطانية المعاصرة لثورة يوليو 52، وبدا منها كره الساسة الإنجليز للرئيس عبد الناصر، الذي نجح في طردهم من مصر، بعد احتلال دام 72 عاماً، وزاد حقدهم بعد نجاحه في تأميم قناة السويس، وقراره ببناء السد العالي، ليعم الرخاء على مصر، وهو ما كان الدافع وراء قرارهم بالانضمام للعدوان الثلاثي على مصر، بمشاركة العدو الإسرائيلي وفرنسا، ولتبدأ سلسلة من المكائد ضد عبد الناصر، ومصر، حتى لا تتطور ولمنعها من تأسيس جيشها العظيم. ورغم كثرة محاسنها، يظل لثورة يوليو 1952 بعض المساوئ، أهمها الدخول في حرب اليمن، التي فقدت فيها مصر الكثير والكثير، على كافة الأصعدة العسكرية والاقتصادية، والإنسانية، بعدما استشهد الآلاف من أبناءها على سفوح ووديان جبال اليمن، فكانت أحد الأسباب الرئيسية في هزيمة الجيش المصري في حرب 67، ومع ذلك تظل ثورة يوليو، بشهادة التاريخ العالمي، ثورة بيضاء، لم تراق فيها نقطة دماء واحدة، وأول الثورات التي انحازت بمبادئها للمواطن المصري، بتحقيق الكرامة، والعدالة، والمساواة، والاستقلال، وكانت الشرارة الأولى لاستقلال الكثير من الدول العربية والأفريقية.