د. وسيم السيسى متابعة عادل شلبى وُلدت فى النمسا ١٨٥٦م، وغادرت دنياكم ١٩٣٩ فى لندن، هربًا من هتلر وغزوه للنمسا. تعذبت كثيرًا بسبب سرطان الفم الذى انتشر فى وجهى بعد عدة عمليات جراحية، وذلك بسبب تدخين أربعين سيجارًا يوميًّا، ومن شدة الألم طلبت من الأطباء إنهاء حياتى بجرعة كبيرة من المورفين، وهذا ما تطلقون عليه اليوم: الموت الرحيم Euthanasia وليس انتحارًا. جربت على نفسى الكوكاكين كمزيل للاكتئاب ومخفف للآلام، وعالجت به أحد أصدقائى من إدمانه المورفين، فأصبح مدمنًا للاثنين معًا!، هاجمنى العلماء والأطباء بعد أن وضعت كتابًا عن فوائد الكوكايين!، لم أكن أعرف أنه يؤدى للإدمان، وقد سمعت أغنية للفنان الموهوب سيد درويش تقول: شم الكوكايين، خلّانى مسكين، مناخيرى بِتْوِنّ وقلبى حزين. عملت فى جامعة فيينا محاضرًا ثم طبيبًا فى مستشفى الجامعة قسم الأمراض النفسية والعصبية، وكنت أعالج حالات الهستيريا، هذا المرض الذى يصيب النساء أكثر من الرجال، لذا تجدون هستيريا من هستر، أى رحم، أى المرض الذى يصيب ذوات الأرحام، كنت أجعل المريضة تتحدث عن تاريخها الماضى بما فيه من آلام، وكنت ألجأ للتنويم المغناطيسى بعد أن تعلمته من طبيب فرنسى، كما وضعت كتابًا عن الهستيريا. تزوجت وأنا فى سن الثلاثين، أنجبت ثلاثة أولاد وثلاث بنات، كانت أصغرهن آنا التى أصبحت عالمة فى علم النفس. أنا يهودى اتُّهمت بالإلحاد لأنى قلت إن الله هو حاجة الإنسان له فى وقت الشدائد، وخوف الإنسان من الفناء بفنائه على الأرض. كان آخر كتبى: موسى والتوحيد، وكتبت فيه: إن إله اليهود دموى، عنصرى، أعطى أتباعه سلاحًا لإخراج أناس من أرضهم الأصلية، كما كتبت: عقدة اليهود الأزلية هى الحضارة المصرية القديمة. هوجمت كثيرًا بسبب آرائى، وأرى أنها تتفق مع آراء ويل ديورانت فى موسوعته: قصة الحضارة، فصل: نشأة الدين، وفى هذا الأمر يقول: منذ عشرين ألف سنة نشأت فكرة عالم آخر، وآلهة طيبة، وآلهة شريرة تسبب الحرائق والزلازل والبراكين بسبب ثلاثة أشياء: الأحلام- الموت- الكوارث الطبيعية، قارن الإنسان البدائى بين الحى والميت فلم يجد فرقًا إلا التنفس، اعتقد أن هذا التنفس هو ما يزوره فى الأحلام فأطلق عليه كلمة Sperit وهى من Respiration أى تنفس، وتقابلها روح من ريح أى هواء. هوجمت لأنى كنت أرى أن الجنس هو وراء كل الاضطرابات النفسية، كما كنت أرى أن الإنسان به غريزتان تتصارعان، الأولى هى حب البقاء وهو الحب، والثانية الفناء وهو الموت. لقد فتحت بابًا فى علم النفس وسميته: اللاوعى، وكيف أن كل ما يحدث لنا فى طفولتنا يترسب فى اللاوعى، وحين نكبر يسيطر على سلوكنا، ووضعت كتابًا عن الأحلام، وكيف أنها تعبر بصورة رمزية عن آمالنا وآلامنا، فمثلًا أنت تخاف إنسانًا.. رئيسك مثلًا، ترى فى الحلم أسدًا أو ثعبانًا يهاجمك. كنت أراقب لغة الجسد مع الحديث، جاءتنى فتاة تُحدثنى عن خطيبها الرائع، قلت لها سوف تتركينه، وبعد ثلاثة أشهر جاءتنى تسأل: كيف عرفت ذلك؟، قلت: كنت تخلعين الدبلة وتلبسينها عدة مرات أثناء الحديث عنه، عرفت أنك مترددة فى اتخاذ القرار. لا يزال منزلى وعيادتى فى فيينا متحفًا للزوار، ويسعدنى أن كاتب هذه المقالة زارنى هو وزوجته وابنته منذ بضعة أسابيع، وكان متحفى هو أول متحف يزوره قبل المتاحف الأخرى، وقد أخذ صورًا للسرير الذى كان يستلقى عليه المريض أو المريضة، كما أخذ صورًا لحقيبة الكشف الخاصة بى، كما أخذ صورًا لوسائل التسلية عندى كالشطرنج، الطاولة، والتحف التى جمعتها، وكتابى: نقد موسى والعقيدة، وكيف أن موسى كان ضابطًا مصريًّا، كما أخذ صورًا لكل قاعات المتحف، الشىء العجيب: بالرغم من أننى عالم من علماء النفس، فإن معظم الكليات تدرس أعمالى إلا أقسام علم النفس والأمراض النفسية!.