خلال الأشهر الأخيرة ظهر مصطلح جديد في مجال الإعلام الرقمي وهو الذباب الإلكتروني، بعض وسائل الإعلام بدأت تستخدم هذا المصطلح في تقاريرها الإخبارية، ومن المنتظر أن تزداد وتيرة ذلك.
الذباب الإلكتروني لم يكن في الواقع ليظهر لولا الشبكات الإجتماعية مثل فيس بوك و تويتر ومنصات منافسة أخرى.
وبالطبع هناك علاقة بينهما وسنتطرق إلى كافة التفاصيل المتاحة حول هذا الموضوع في هذا المقال.
ما هو الذباب الإلكتروني؟ الذباب الإلكتروني هو مصطلح يعبر عن استخدام الحسابات المزيفة بكثافة في اتجاه معين، سواء للدفاع عن وجهة نظر معينة، أو الهجوم على وجهة نظر أخرى مغايرة.
يستخدم هذا الأسلوب في المنصات الإجتماعية مثل فيس بوك و تويتر، وهذا في مختلف القضايا السياسية والإجتماعية والإقتصادية وحتى قضايا الفن والتقنية وقضايا بمجالات أخرى مثل المواضيع الدينية.
يعمل الذباب الإلكتروني على فرض أمر الواقع، من خلال التأكيد على أن مناصري فكرة معينة أو رأي محدد هم الأغلبية، لهذا تحتاج هذه التقنية إلى الكثير من الحسابات المزيفة كي تنجح وأن يتم النشر واستخدامها في ذات الوقت.
ماذا يفعل الذباب الإلكتروني في الشبكات الإجتماعية؟ يعمل الذباب الإلكتروني على قمع الرأي المخالف من خلال التعليقات المعارضة وكذلك نشر منشورات هجومية على الرأي أو الجهة المستهدفة
لنفترض مثلا أن شريحة كبيرة من الشعب تريد زيادة الرواتب، ولجأت إلى الشبكات الإجتماعية للمطالبة بذلك من خلال نشر المنشورات والتغريدات بكثافة مرفقة مع هاشتاغ متفق عليه، ولإعاقة هذه الحملة يمكن استخدام الذباب الإلكتروني، ودوره هو التعليق على هذه المنشورات تارة بأسلوب لبق يستعرض وجهة نظر مخالفة مثل أن المطالبة بزيادة الرواتب ليس عملا مشروعا، أو التعليق بألفاظ مسيئة للتأثير على نفسية الناشطين سلبا ودفعهم للتوقف عن النشر حول ذلك الموضوع.
يعمل الذباب الإلكتروني على إنشاء هاشتاغ معاكس والنشر فيه بكثافة ليتفوق على الأصلي من حيث النشاط وعدد المنشورات والتفاعل، بالتالي قمع الهاشتاغ الأصلي والتأكيد على أن المطالبين بتلك الفكرة أقلية وأن الأغلبية مع الفكرة التي يدافع عنها الذباب الإلكتروني.
تستخدم هذه التقنية في المجال السياسي بصورة كبيرة للغاية وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بكثرة في مواضيع متعددة ومختلفة.
من يقف وراء الذباب الإلكتروني؟ ليس هناك جهة واحدة معلومة ودائمة، إذ يتغير من يقف وراء هذه الظاهرة حسب القضية والموقع الجغرافي وعوامل أخرى.
اللجان الإلكترونية الحكومية تأتي عادة في صدارة المتهمين، إذ أن بعض الدول في المنطقة لديها هذه اللجان وتوظفهم لأغراض تشويه المعارضين وإطلاق الشائعات عنهم ونشر أخبار مزيفة تضر بثقة الرأي العام بهم
لكن أيضا نجد أن المعارضة هي الأخرى تلجأ إلى أسلوب مماثل من خلال اللجوء إلى خدمات التعليقات التلقائية على الشبكات الإجتماعية لتبدأ حسابات أجنبية ومزيفة بنشر أطنان من التعليقات المسيئة للحكومة والتغريد ونشر منشورات تصب في نفس الإتجاه.
الذباب الإلكتروني يمكن أيضا استخدامه من أجل الترويج لعلامةتجارية معينة من خلال نشر عدد كبير من التغريدات مع هاشتاغ خاص ليتصدر الشائع وتحصد تلك الشركة شهرة أكبر وتحصل على أضواء الشهرة.
وليس من الصعب استخدام هذه التقنية فهناك خدمات كثيرة على الويب توفر ايصال هاشتاغ معين إلى الشائع، ونشر منشورات و تغريدات كثيرة في اتجاه معين ولهدف محدد وهذا بسعر مناسب.
ما علاقة الذباب الإلكتروني بالأخبار المزيفة؟ يستخدم هذا الأسلوب أيضا من خلال اطلاق اشاعات وأخبار مزيفة حول قضية معينة، لتصبح حديث الساعة ويكتشف فيما بعد المتابعين على أنها أكذوبة كبيرة.
يدخل ضمن هذا الإطار اشاعة موت شخصية معينة دينية أو فنية أو سياسية، هروبه أو مقتله أو قيامه باختطاف أحدهم أو سرقة المال العام أو التورط في اغتصاب أو تحرش جنسي معين.
أيضا ينشر الذباب الإلكتروني صور مزيفة لأحداث غير حقيقية، وقد حدث هذا في الأزمة السورية أكثر من مرة على سبيل المثال لا الحصر، حيث تم الترويج لصور مجازر مروعة اكتشف خبراء التصوير على أنها صور معدلة أو تم إلتقاطها من مجازر لم تحدث على الأرض السورية.
الذباب الإلكتروني ينشرون خبرا معينا بكثافة فيظن المستخدم العادي أنه حقيقي ليعمل هو الآخر على مشاركته والمساهمة في انتشار الأخبار المزيفة.
ما علاقة الذباب الإلكتروني بخطاب الكراهية؟ مهمة الذباب الإلكتروني هي الدفاع عن فكرة معينة والهجوم عن فكرة مضادة، وهذا الأسلوب يستخدم كافة الأسلحة بما فيها التزييف للحقائق إلى السب والشتم والتخوين وتكفير الآخرين، ومن هنا يتأكد لنا حضور خطاب الكراهية.
عندما يستهدف الذباب الإلكتروني شخص أو شركة أو حكومة أو دولة أو لغة أو دين أو مجتمع أو أفراد أو تقاليد معينة أو فكر أو عرق أو جنس يستخدم خطاب الكراهية أساسا للمنشورات والتغريدات التي تنشر في هذا السياق.
وتنجح هذه الحملات لأنها تلعب على أوتار حساسة للناس مثل الدين والعرق والانتماء واللغة والدفاع عن الحق وبقية المحفزات التي تدفع المستخدمين لكتابة المنشورات والتغريدات تخدم السياق ذاته.