(بعض الصلح إفساد في الأرض) لا شك أن الصلح بين المتخاصمين هو من أفضل الأعمال وأحبها من إلي الله تعالي لما لها من أثر طيب في تصفية النفوس والمحبة بين الناس وسيادة الأمن والأمان الإجتماعي بينهم والشعور بالطمأنينة وبقاء الخير بين البشر.. ولكن المقصود بمثل هذا الصلح هو عما يحدث بين الأطراف من خلافات جيرة أو مشاكل يومية حياتية أو قطيعة بين ذوات الأرحام أو مشاجرات بسيطة وغيرها من أنواع المشاكل التي يصبح فيها الصلح هو من أحب الأعمال إلى الله.. ولكن مع تغير الظروف والأشكال ونمط الحياة ظهرت أشكال جديدة لم تكن معروفة بين الناس منها تجارة المخدرات بشكل بشع والتي أصبحت علي كل النواصي تقريبا ومظاهر إستعراض القوة بالسير بالكلاب المتوحشة الغير مرخصة أو التي لم يتخذ صاحبها إجراءات الإحتياطات اللازمة للسير بها أو من يقومون بإقتنائها لترهيب الناس أو إستخدامها في المشاجرات.. وأخيراً وصلنا لإستخدام البنادق الآلية في المشاجرات واطلاقها بشكل عشوائي مرتضياً بذلك الجاني أي نتيجة من فعلته وتعريض حياة الناس للخطر ممن قد لا يكون لهم علاقة أصلا بموضوع المشاجرة.. ومع تلك التطورات حدثت تطورات أخري غريبة حيث أصبح البعض من أصحاب النوايا الحسنة يبادرون إلي إجراء الصلح بين الأطراف من أجل لم الموضوع وعدم تصعيد الإجراءات القانونية حفاظا علي مستقبل هؤلاء البلطجية!!! ولا يعلمون بذلك أنهم يقدمون دعم وتصريح لغيرهم في التمادي في إستحداث طرق جديدة ربما تكون أكثر بشاعة في الإجرام ولما لا وقد وجد البلطجي لنفسه من يسارع إلي إجراء الصلح مع أهالي الضحايا والتنازل له عن المحاضر حال تحريرها أصلا دون حتي أن يتوجه لمركز الشرطة أو يتعب نفسه في ذلك وأصبح بذلك له الحق أن يعود في نفس اليوم لإستخدام نفس السلاح ضد آخرين طالما أمن هذا البلطجي العقاب عن طريق أصحاب النوايا الحسنة علاوة علي أن غيره من صغار البلطجية سيتجرأ علي ذلك لأن الموضوع أصبح مثل شكة الدبوس أضرب أو أقتل وفي المساء جلسة صلح يتم فيها إرتداء الجلاليب المتكلفة لزوم التصوير!!! وهناك أشخاص تملآهم الطيبة!!! إخترعوا قواعد جديدة للصلح في مثل تلك الجرائم مثل طلب إحضار البندقية المستخدمة لتكسيرها أو طلب ذبيحة لتعويض الدم الذي سال بإعتبار أن كرامة المجني عليه هي والعجل المذبوح أو البقرة سواء بسواء وأن ذلك هو رد الكرامة الكبير لهم ضد البلطجي وإنهاء الخلاف في حينه بعيداً عن أعين الأمن ثم يمنحونه التنازل عما أرتكبه وتصريح جديد له بالقتل أو الإيذاء لضحايا جدد وللأسف ربما يكون الضحية الجديدة هو أحد أبنائهم وربما نجد في المستقبل من يبتدع جديداً ويطلب إحضار الكلب الذي تعدي علي أحد الأشخاص ليقوم المجني عليه بعضه أو قتله رداً لكرامته ثم تقبيل صاحب الكلب ومنحه الحق في إطلاق كلبه من جديد لنهش آخرين.. يا سادة إن ما يفعله البعض ربما بنوايا حسنة في مثل تلك الجرائم الكبيرة هو تعاون تام منهم ومساعدة ومشاركة دون قصد بالطبع في إنتشار وزيادة صور البلطجة في الشوارع ما دامت تلك الطرق الساذجة هي البديل عن تطبيق القانون والتمسك به ليكون هو الفصل بين الجميع… ولن يرتدع أحد إذا لم ينال كل مجرم جزائه الرادع عما إقترفته يداه ولن يخشي أحد أن يسلك نفس الطريق من البلطجة واستعراض القوة ما لم يجد أمامه نماذج من نال عقابه عما إقترفته يداه من جرم.. أما الأساليب الغريبة التي نراها والتي لم ينزل بها سلطان هي مشاركة منكم في جرائم جديدة ربما يكون ضحاياها الجدد هم أبنائكم أو أحد أهليتكم نتيجة ما تفعلونه بدون وعي ويعتقدونه طيباً وهو في حقيقته إفساد في الأرض.. وأخشي عليكم أن يصدق فيكم وصفه سبحانه وتعالي.. الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.. لذلك أتمني أن يتغير هذا الفكر الساذج ويكون القانون هو الفيصل في مثل تلك الجرائم البشعة والتي تتعرض فيها أرواح الناس للإزهاق من شخص مستهتر بشكل عام وبدون أن يؤخذ حديثي عن واقعة بعينها.. وأن يدعم الجميع المجني عليه في مثل تلك الحالات للوصول إلي معاقبة الجاني حتي يرتدع ويكون عبرة لغيره بدلاً من المشاركة معه في إنتشار البلطجة والتعدي علي الأبرياء ثم البكاء كالنساء والعويل كالأرامل لو حدثت الجريمة ضد ابرياء أو ضحايا جدد في المرة القادمة.. تخلوا عن السلبية والسذاجة الناتجة عن حسن النوايا المفرط وتمسكوا بتطبيق القانون وأعملوا علي وقف الجريمة وليس المعاونة علي إنتشارها ولتكن نواياكم الطيبة في الإصلاح بين الناس في حدود الخلافات التي يعتبر إصلاحها هو أفضل الأعمال إلي الله تعالى بحق.. داعين أن تكون لكم في ميزان الحسنات.. اللهم بلغت اللهم فأشهد..