لم يكن الأحد يوما عاديا في لبنان إذ عاش أبناؤه يومهم الانتخابي الطويل بين المشاركة والمقاطعة وسط دعوات كثيفة للتغيير خصوصا من قبل الفئة الشابة من الناخبين.
في جولة على مراكز الاقتراع لرصد الأجواء في الانتخابات النيابية التي سيترتب على نتائجها الكثير من مستقبل لبنان السياسي كان المشهد يتفاوت بين محافظة وأخرى.
وتشابهت النسب في المدن الرئيسية الكبرى ذات الكثافة السنية بنسبة الاقتراع، فمنذ الصباح الباكر كان لافتا الحضور الكثيف لمندوبي اللوائح الانتخابية في بيروت مما عكس سخونة المنافسة بين القوى السياسية التقليدية ولوائح المجتمع المدني التي تنتشر بكثرة في دوائر العاصمة خصوصا الأولى والثانية تحت شعار التغيير.
وكما كان متوقعا لم تكن نسبة الإقبال كثيفة في كل من دائرة الشمال الثانية التي تضم طرابلس والمنية والضنية، حيث الغالبية السنية التي لها 10 مقاعد برلمانية من بين 128 مقعدا وتتنافس فيها 11 لائحة وهو الرقم الأعلى للوائح المتنافسة قياسا ببقية الدوائر، ويربطها البعض بنتائج غياب تيار المستقبل عن المشهد.
وتقول غنى من طرابلس : حتى عصر اليوم الانتخابي لم يكن الإقبال كثيفا مشيرة بذلك إلى مزاج الناخب السني الذي يتأرجح بين مقاطعة ولا مبالاة.
وأمام مركز اقتراع داخل إحدى المدارس في طرابلس يقف الحاج بلال وهو بائع قهوة جوال قاطع الاقتراع مبررا ذلك بقوله: لأن لا أحد من المرشحين يمثلني لا من الطائفة السنية ولا غيرها، بعد عقود عشناها ظلما وذلا.
فيما تقول الشابة ريما: انتخبت قناعتي وليس قناعة والديّ. التغيير سيبدأ من جيلنا وعلينا إقناع أهلنا بذلك.
وفي صيدا جنوبي لبنان أن نسبة الاقتراع ارتفعت بعد الظهر فيما كان مشهد المقاطعة بها شبيها بطرابلس الشمالية.
وقال وائل من صيدا إن الإقبال كان كثيفا من فئة الشباب ونسبة الاقتراع وصلت إلى 33 بالمئة عصرا بانتظار ساعات المساء.
وأضاف: الدعم الأكبر من فئة الشباب لأنهم يتوقون للتغيير بعد أن ضاقت سبل العيش في وجههم أما بالنسبة للفئة الأكبر سنا فهي لا زالت ضمن إما المقاطعة أو التعلق بالعائلات والأحزاب.
وتابع وائل أن نسبة الاقتراع في جزين شرق صيدا (ذات الطابع المسيحي) تخطت إلى 45 بالمئة قبل إقفال الصناديق بساعات.
وقال المصدر من البقاع الغربى إن أجواء الانتخابات كانت ممتازة خصوصا في أقلام الاقتراع ذات الغالبية الدرزية إذ تخطت 50 بالمئة لافتا إلى أن المناطق ذات الغالبية السنية شاركت إنما بنسبة اقل وصلت إلى 33 بالمئة في فترة بعض الظهر.
وشهدت مدينة زحلة بعض الإشكالات بين أنصار حزب الله والقوات اللبنانية وتضاربا بالأيدي.
وفي البقاع الأوسط كان لافتا مشهد (التوكتوك) غير المعتاد الذي شارك لوجستيا في نقل الناخبين من منازلهم إلى مراكز الاقتراع رغم كونه ممنوعا من السير في هذا اليوم الانتخابي.
وفي العاصمة بدا المشهد مختلفا ففي دائرة بيروت الأولى حيث تتصارع الغالبية المسيحية لم تتخط النسبة 18 بالمئة بينما شهدت دائرة بيروت الثانية ذات الأصوات السنية الناخبة إقبالا كثيفا غير متوقع رغم دعوات المقاطعة التي وجهها أنصار تيار المستقبل.
وقالت مصادر وزارة الداخلية إن وزير الداخلية اضطر إلى إضافة صناديق اقتراع لهذه الدائرة.
وشهدت مناطق نفوذ تيار المستقبل كالطريق الجديدة والمزرعة برودة انتخابية وعمد البعض إلى إقامة أنشطة ترفيهية في الشوارع للدلالة على عدم المبالاة.
ورغم هذا النهار الذي لم يخل من الإشكالات المتنقلة والمخالفات التي رصدت من قبل الجمعيات المكلفة بالمراقبة استمرت العملية الانتخابية حتى تم إقفال الصناديق في تمام السابعة مساء بتوقيت بيروت بينما ينتظر لبنان فجرا جديدا الإثنين.