كتب : وائل عباس
عاصفة مدوية وإعصارا مميت أجتاح العالم أجمع فى العصور الغابرة ؛ فقضى على الأخضر واليابس ؛ أباد الأمم وأفنى الشعوب ؛ هدم الحضارات وأهلك الحرث والنسل ؛ وقضى على العلم والعلماء ؛ سيطروا على آسيا كلها ونصف آوروبا الشرقية تقريبا ؛ أسقطوا الممالك وابادوا السلاطين والأمراء ؛ إنهم التتار سيف الله المسلط كما أطلقوا على أنفسهم ؛ وعقاب الله للعصاة الضالين ؛ حروبهم تدميرية قاتلة ؛ لا عهد ولا أمان لهم ؛ نقضوا المواثيق وأثاروا الرعب في النفوس .
من الشرق الأقصى كانت بداية حروبهم التدميرية ؛ أسقطوا الممالك الإسلامية فى الشرق الأقصى حتى وصولوا على أعتاب بغداد ؛ فدمروها تدميرا مروعا وانتقموا من أهلها أشد انتقام ؛ وهدموا الحضارة وحرقوا الكتب والمكتبات ؛ واسقطوا الخلافة العباسية التى دامت أكثر من خمس قرون ؛ وقتلوا الخليفة المستعصم أخر الخلفاء العباسيين شر قتلة هو وبناته الثلاث ؛ كانت أشبه بالفاجعة على العالم أجمع ؛ وخاصة العالم الإسلامي بعد سقوط قلب الخلافة التى دامت أكثر من خمس قرون أو يذيد ؛ ثم وصلوا لحدود الشام ؛ وكانت أخبارهم التدميرية تسبق خيولهم الجرارة ؛ تلك الأخبار المفزعة عن الخراب الذي سببوه فى الممالك التى اسقطوها ؛ والعهود والمواثيق التى نقضوها والإبادة الجماعية التى أعملوها فى كل الشعوب التى اجتاحتها خيولهم ؛ وكانت مصر الكنانة ولا تزال قلب الشرق ونقطة التلاقى بين كل قارات العالم وشعوبها ؛ بمختلف ثقافتهم ودياناتهم وأنتماءاتهم وكان لابد من إسقاطها ؛ وبالفعل جاءت رسل الشيطان ؛ إلى المظفر ” سيف الدين قطز ” مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ الدين وتوحيد كلمة المسلمين ؛ وقطز هو ابن الملوك وسليل البيت الخوارزمي والذى قضى التتار على دولتهم وابادوا عشائرهم وأهليهم ؛ فهرب وهو طفل صغير هو وابنة خاله السلطان ؛ وبيع فى أسواق النخاسة فى الشام وهناك تعلم الفروسية واستقى علوم الدين على يد سلطان العلماء ” العز بن عبدالسلام ” ثم طلب من مولاه الذى يحبه ويقدره أن يرحل إلى مصر ؛ فرحل وانضم إلى مماليك الأمير ” أيبك ” ؛ وبعد صراع على السلطة وصل إلى سدة الحكم فى أصعب ظروف قد تواجه حاكم مسلم فى عبر التاريخ ؛ وجاءت رسل التتار تحمل نزير السوء وقدوم الشؤم بكبرياء الابالسة ؛ فكان الرد من القائد المسلم الذى لا يخشى إلا الله ؛ ولا يخشع إلا لدين الله فلم يتردد ولم يتوانى ويجبن ويتكاسل ؛ ولا حتى أستطاع الشيطان أن يخيره بين ضياع ملكه وذهاب سلطانه إذا خرج للجهاد ؛ لكنه أعد العدة وبث الحماسة والحمية على الدين فى قلوب الناس ؛ وخير الأمراء إن تكاسلوا أو ضنوا بأموالهم ليذهبن وحده ؛ وخرج لملاقاة عدوه وأعداء الدين ؛ وصال وجال فى المعركة يحمس جنوده حتى خلع خوذته ونادى بأعلى صوته ” وا إسلاماااه ” ؛ حتى أزاح الله الغمة ونصر الأمة ؛ وجعل مصر الصخرة التي يتحطم عليها كل معتد أثيم
وهذا نص رد السلطان على رسالة التتار وتكملته .
رحم الله الفارس المجاهد المظفر // سيف الدين قطز
رد السلطان المظفر // سيف الدين قطز ؛ على رسالة هولاكو قائد جيوش التتار .