متابعة:ممدوح السنبسي
بل أنْ تتفرعني و تنفجري عنصريةً ضد الوافدين و تطالبي حتى بدفعِهم مائة فلس ضريبةً عن مشيهم على شوارعِ الكويت
، عليكِ أنْ تنظري إلى بشاعة وجهكِ و أنتِ تتحدثين بما يُغْضِبُ اللهَ تعالى و رسولَه ، ﷺ .
(1) يا صفاء ، في دولِ مجلسِ
التعاونِ الخليجيِّ ، في زمانِ الفقر و العوزِ منذُ عشرينياتِ القرنِ الـماضي حتى نهايةِ ستينياتِـهِ ، كانت سوريا العزيزة و العراق العظيم ،
ثم مصر الحبيبة في عهد جمال عبدالناصر ، يرسلون إلينا طواقم الـمدرسين و الأطباء و الـمهندسين على حساب حكوماتِهِم ،
و تُدفَعُ رواتبُهُم من موازاناتها ، و يفتحون معاهدهم و جامعاتهم لطلابنا و طالباتنا و يؤمنون لهم السكن و يصرفون لهم رواتب شهريةً
(2) يا صفاء ، لو شَـرَّحنا عقولَنا لَـوجدنا في تلافيفها ما علمَنا إياه السوريون و الـمصريون و الفلسطينيون و سواهم من أشقائنا …
هؤلاء هم أصحابُ الفضل علينا ما حيينا . و نحن ، يا صغيرة ، مهما فعلنا فإننا لن نستطيعَ رَدَّ واحدٍ من مليون من أفضالهم علينا .
و إذا كنتِ تعتقدين أنَّهم مُرتَزِقةٍ فاذهبي للاغتسال في بحارِ الـمغفرة ما بقي لكِ من أيامٍ في الدنيا ، فهم يؤدون أعمالاً و يتلقون أجراً عليها ،
و هم أسهموا و يُسهمون في بناء بلادنا ، و لو كنا نتحدث بعدالةٍ لَـوَجَبَ علينا منحهم الجنسيةَ بعد قضائهم خمسة عشر عاماً ،
أو على الأقل أنْ نمنحهم الإقامة الدائمة غير الـمَشروطة
(3) عندما تتحدثين عن الوافدين ، تذكري ، يا صغيرة ، أنهم بشرٌ مثلنا و فيهم كثيرون أفضل منا … هذا الشقيق العربيُّ ،
و الشقيقُ الـمسلمُ ، و الأخُ في الإنسانية ، مهما اختلفت أعراقُهم و أديانُهم هم بشرٌ يعملون و
يبنون و يسهمون في كلِّ النشاطاتِ
بجدٍّ و اجتهادٍ و شرفٍ ، و كما هم بحاجةٍ للعمل فإنَّ حاجتنا إليهم أعظمُ
، فلا تتعنطزي عليهم و كأنَّ البشرَ عبيدٌ عندكِ
، فوالله إنَّ الـممرضة الفلبينية ماري ، و العامل النيبالي راما ، و الطبيب الـمصري سيد ،
و الـمهندس السوري حسان ، و الـمدرس
الفلسطيني عاطف ، و الـمدرب الجزائري الأخضر ، و و و ، هم في عيوننا ، و نحترمهم ، و نريد لهم حقوقاً أكثر
(4) أتعلمين ، يا صغيرة ، أنَّ القوانينَ في قطر و الكويت بخاصة أقرت
الالتزامَ بالقانونِ الدولي بشأن العَمالةِ الوافدةِ ؟ …
أتعلمين ، يا شابةً في الستين ، أنَّ دراسةً قُـدِّمَتْ إلى رئاسة مجلس التعاونِ
بشأنِ التجنيس و الإقامةِ الدائمةِ لحاملي الجنسياتِ
العربية الذين ولدوا أو يقيمون في دول الخليجِ منذ خمسةٍ و عشرين عاماً ؟ و أنَّ إحدى الدولِ قامت بإعدادِ كشوفٍ للعملِ
بالدراسةِ سواء أُقِـرَّتْ أم أُجِّلَ النظرُ فيها
(5) أتوجه بالتحية و الاحترامِ و التقدير لأعضاء مجلس الأمة الكويتي ،
و إلى الشخصياتِ و القامات السياسية والفكرية و
الدينية الكويتية من الجنسين الذين أعلنوا رَفْضَهم لتفاهاتك العنصرية و طالب بعضهم باستجوابك
و من جانبٍ آخر ، أتوجَّـهُ إلى وجه الخير ، الشاب الإنسان الـمتواضع البشوش الـمثقف ،
على توجيهاتِـهِ بتعديل بعض القوانين
الجديدةِ للإقامة بما يتناسبُ مع الإنسانية و العدالة ، و على توجيهاته باستثناء السوريين
و الفلسطينيين حملة الوثائق و اليمنيين
و العراقيين من كثير من القوانين الجديدة . و أتمنى عليه أن يتم تضمين مناهج التعليم
في كل الـمراحل الدراسية مادة جديدة
مستقلةً هي حقوق الإنسان ، لأنَّ العنصرية الخفيةَ تتآكلُ قلوبَ بعضنا دون
أن يدركوا ذلك ، بل لعلهم يدركونَ و يشعرون
بزهو بسبب عَظَمَتِهُم الفارغة . و لي عودة لهذا الـموضوع بإذنه تعالى .
ملاحظة صغيرة
يا صفاء ، عندما هاجر أجدادك إلى الـمغرب في بدايات القرن الثامن عشر و عادوا بعد عقود طوال و استقروا في الكويت
، كانوا بشراً و عرباً و مسلمين هناك ، و ظلوا بشراً و عرباً و مسلمين هنا
، فما رأيُكِ لو طبقنا عنصريتك بأثرٍ رجعيٍّ عليك و على كثيرين
اذهبي و اغسلي وجهك من الـمساحيق ثم انظري في الـمرآةِ لتستعيذي بالله مما سترينه