لم يعد المشاهد المغربي يكتفي بمتابعة الانتاج الدرامي الناطق بالعربية بل أضحى حريصا على مشاهدة الدراما الأمازيغية المغربية التي شهدت زخما وتناميا خلال السنوات الأخيرة.
شهدت الدراما الأمازيغية في المغرب تراكما مهما خصوصا بعد إطلاق القناة التلفزيونية الحكومية الأمازيغية تمازيغت إذ ساهمت بشكل كبير في تشجيع الإبداع بهذه اللغة التي تحولت إلى لغة رسمية بموجب الدستور سنة 2011.
ويعد شهر رمضان فرصة لعرض العديد من الأعمال الدرامية الأمازيغية الجديدة والتي تتنافس على استقطاب المشاهدين المغاربة بشكل كبير.
يرى المنتج وكاتب السيناريو الأمازيغي محمد بوزكو أن الانتاج الدرامي الأمازيغي بدأت بشكل متواضع وقد تطور حتى اشتد عوده واتخذ الصورة الخاصة به، وقد بدأ الآن تتضح معالمه وتفرض ذاتها في المشهد الإعلامي.
يقول بوزكو بطبيعة الحال ففي مسار مثل هذا لابد من تكلفة يمكن ترجمتها خصوصا ما يتعلق بتجربتي الشخصية في نوع من التضحية عبر خلق آليات متوازية مع العملية الإنتاجية من أجل تطوير صناعة هذه الأعمال.
وأوضح المتحدث أن ذلك تطلب تنظيم دورات للممثلين قبل بداية تصوير أي عمل إلى جانب دورات ذاتية فيما يخص كتابة السيناريو إلى جانب التدرب بمشاهدة الأفلام والمسلسلات والاطلاع على التجارب الوطنية والعالمية إضافة إلى تأهيل التقنيين المحليين وتحفيزهم على تعلم الصناعة السينمائية.
وأضاف أنه بعد هذا التراكم لدينا اليوم سيناريوهات متميزة وممثلون في المستوى إلى جانب تقنيين بدؤوا يفرضون أنفسهم في ميدان الإبداع الدرامي.
في هذا الإطار أكد المخرج الأمازيغي، مصطفى أشاور أن هناك تحولا كبير في الدراما الأمازيغية خصوصا بعد تأسيس القناة الأمازيغية إذ تعرف الإنتاجات عملا منظما واحترافيا مع توفر إمكانيات أكبر عكس ما كان في سنوات التأسيس عندما كانت الدراما الأمازيغية تعتمد على اجتهادات وانتاجات شخصية.
وأضاف أشاور أن وجود القناة الأمازيغية أعطى زخما للإنتاج الدرامي الأمازيغية لكونها وضعتها في نفس المرتبة تقريبا لنظيرتها الناطقة بالدارجة ووفرت لها إمكانيات للتطور.
وتابع نلاحظ هذا التطور الكبير للإنتاجات الأمازيغية على مستوى الكم والكيف وبشكل خاص هذا الأخير الذي شهد تدخل عناصر إنتاجية وإخراجية أضفت ميزة جديدة على الدراما الأمازيغية وجعلتها تأخذ بعدا مهما تستطيع من خلالها منافسة الإنتاج الدرامي المغربي الناطق بالدارجة بتحقيقها نسب مشاهدة عالية.
ويعتقد مصطفى أشاور مخرج مسلسل بابا علي أن ما يميز الدراما الأمازيغية أنها قريبة أكثر من ثقافة المشاهد المغربي.
وأوضح المخرج الأمازيغي في اتصاله أن الدراما الأمازيغية تتطرق لجانب تراثي مهم جدا إلى جانب ما هو إنساني واجتماعي ولعل ذلك هو الذي يستقطب اهتمام عدد كبير من المشاهدين في السنوات الأخيرة.
من جانبه يذكر المنتج وكاتب السيناريو الأمازيغي محمد بوزكو أن الدراما الأمازيغية منتوج يعبر عن ثقافة معينة تشكل جزءا كبيرا من الثقافة الوطنية
ولفت مُؤلف ومنتج مسلسل ثيبْراثينْ نْ مارْزوقْ (تعني رسائل مرزوق) إلى أن الغرض الأساسي لإنشاء القناة الأمازيغية هو فتح المجال أمام الثقافة واللغة الأمازيغية عبر فتح الباب لإظهار الحمولة الثقافية وما تحمله من عادات وتقاليد وأساطير تستحق أن تكون مواضيع للاشتغال الدرامي وإغناء المنتوج الفني الوطني.
ويقول في المستقبل القريب ستقول الدراما الأمازيغية كلمتها لأنها تزخر بمواضيع مهمة وغنية يجب الاشتغال عليها إذا ما أنصِفت عبر تمكينها بنفس الإمكانيات المرصودة للأعمال الناطقة بالدارجة وأن تمنح أيضا حقها في أن تصبح أعمالا تنتج طيلة السنة بدل اقتصارها على شهر رمضان
وفي خضم هذا التنامي الملحوظ في الإنتاج الدرامي الأمازيغي المغربي لا يتردد الباحث في الدراما والسينما الأمازيغية رضوان الصديقي، في الإشارة إلى ظهور الدورات والتخصصات الأكاديمية في المجال.
في تصريحه قال الصديقي: استبشرت الدراما الأمازيغية خيرا بعشرات الفنيين والتقنيين والممثلين الذين برزوا في هذا المجال بفضل ظهور معاهد التدريب الخاصة في مجال الإنتاج الدرامي مثل المعهد المتخصص في مهن السمعي البصري بورزازات والكلية المتعددة التخصصات كذلك بورزازات (مدينة أمازيغية في الجنوب تلقب بهوليود المغرب) فضلا عن إرساء دورات في هذا المجال بالجامعات المغربية.
لهذا مكنت هذه الطاقات المهنية الحديثة من إغناء الساحة الفنية الأمازيغية وأضافت لمسة إبداعية وبها تجاوزت الدراما الأمازيغية العديد من الإشكالات التي كانت تتخبط فيها فنيا وجماليا حتى وقت قريب يردف الباحث في السينما والدراما الأمازيغية .