بناء و هدم.. هو عنوان للمرحلة التي نعيشها جميعا منذ سنوات قليلة، و برغم حقيقة البناء علي أرض الواقع، و بريق الإعلانات التي تملأ الفضائيات و عالم السوشيال ميديا، إلا أن المحصلة النهائية لا تعطي نتائج ملموسة علي الصورة الكلية للمجتمع. هو بناء.. تكونت لبناته من رمل و حجر و جدران خرسانية، هي طرق و كباري و أنفاق و قصور تكلفت المليارات، لكنه بناء يحمل في طياته عوامل هدمه لأنه تأسس علي أنقاض مجتمع تم العبث بعقيدته و ثقافته و قيمه التي نشأ و تربي عليها منذ مئات السنين.
و حالنا أشبه برجل – من شدة عبقريته و خياله اللامحدود- قرر أن يبني بيتا من أعلي إلي أسفل، و هو يدرك تماما أن الأسلوب الذي يتبعه في البناء هو ضرب من الجنون لأنه مخالف لطبيعة الأشياء، لأن منطق تقدم اي مجتمع يبدأ ببناء الإنسان دينيا و تربويا و صحيا. و من تلك النقطة يبدأ الانسان تلقائيا ببناء ما يحتاج إليه من طرق و بيوت و مشاريع من خلال تطويع العلم و الإيمان الذي إكتسبهما.
لا يكفي ان نهدر مقدراتنا و أموالنا في بناءحجر شاهق أصم، ليعيش فيه جاهل او فقير أو مريض، أو فاسد أو مرتشي، بل يكفي ان نستثمرها في بناء بشر، يتعلم و يعمل و يسعي دائما إلي هدم كل ما هو باطل و قبيح و رذيل، و بذلك نكون قد حققنا بناء بمعول هدم.