أختتمت فى إسرائيل منذ يومين أعمال قمة النقب بمشاركة وزراء خارجية ” مصر ؛ الإمارات ؛ البحرين ؛ المغرب ؛ الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى إسرائيل ” وقد أكدت القمة على نبذ الأرهاب ودعم السلام فى المنطقة والعالم . وقد أثارت هذه القمة المفاجئة ؛ ذات التوليفة الغير متجانسة والغير مسبوقة الأحداث ؛ كثيرا من التساؤلات والأستغراب والأستهجان . فلما هذه التوليفة بالذات ؟ ولما هذا التوقيت ؟ ولما النقب فى إسرائيل بالتحديد ؟ وهل إجراء هذه المباحثات فى إسرائيل بين تلك الدول مرتبط بالأحداث الملتهبة على مستوى العالم ؟ … أم أنها مجرد مصادفة ؟ وهل زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات والتى أعقبها لقاء ثلاثى بين قادة مصر وإسرائيل والإمارات علاقة ترتيبية لهذه القمة أم إنها مجرد مصادفة . أسئلة كثيرة تطرح نفسها وتفتح الباب على المزايدين والمتاجرين بالأحداث ؛ وعلى قمة هرم هؤلاء تجار القضية الفلسطينية والخوارج والمتنغمين بالوطنية . فمنهم الذى يدعى أنها خيانة وهرولة نحو العدو ؛ ومنهم الذى يدعى أنه حلف جديد ضد إيران . لكنها الأحداث التى تفرض نفسها وتستلزم واقع جديد له تدابيره ومتطلباته ؛ وكان للحرب الأوكرانية الدور الأكبر على فرض واقع جديد وانقسام بين معسكرين ؛ فنجد أن المعسكر الغربى وبخاصة الإدارة الأمريكية بحزيها الديمقراطي فرضت سياسية التهديد بعنجهية حمقاء ؛ من اول يوم أستلمت فيه مقاليد الأمور ؛ فبدأت بالمملكة السعودية وحاولت إستخدام قضية ” خاشقوجى ” لمعاقبة بيت الحكم هناك ؛ ثم اتجهت إلى مصر مستخدمة ملف حقوق الإنسان محاولة من خلاله معاقبة القيادة المصرية بسلاح قطع المعونة ؛ فلم تأبه لها القيادة المصرية واتجهت فى رد فعل سريع وحاسم لتنويع وتحديث مصادر أسلحتها ؛ ثم حاولت أبتزازنا مرة أخرى عن طريق زرع وتمويل الإرهاب في سيناء وذلك عن طريق قطر وذيولها من الإخوان ؛ فسبق رد فعلنا توقعاتها وخطونا بخطوات عسكرية غير مسبوقة داخل سيناء ؛ قضينا فيها على معظم الإرهابيين هناك ؛ وقضينا على حلمهم بأقتطاع جزء من ارض سيناء لصالح الشعب الفلسطيني والتى كان نظام الإخوان فى طريقه لإتمام تلك الصفقة ؛ وقامت القيادة بإدخال معدات عسكرية غير مسبوقة لأول مرة بعد أتفاقية السلام مجتازة بذلك ما يسمى بخطوط القوات الدولية ؛ وسيطرنا فيها على كل أرض سيناء شكلا وموضوعا ؛ بل ونصبنا المعدات العسكرية على جزيرتى ” تيران وصنافير ” بذكاء سياسى ؛ واصبحنا كاشفين لعمق إسرائيل ؛ ثم اقتربنا من إسرائيل لنعلن من خلال اللقاءات أننا نبتغى السلام ؛ ولكن سلام القوة والعدل وليس سلام الخنوع والإستسلام . تعلم القيادة المصرية جيدا أن الحزب الديموقراطي يستخدم أمن إسرائيل ذريعة للعربدة على الدول العربية ؛ وبخاصة مصر والسعودية والإمارات ؛ ومن هنا كان تحرك القيادة لإخراج إسرائيل من حساباته كورقة يستخدمها لكسب دعم الشعبى الأمريكى ؛ سواء على مستوى المواطن أو اللوبيات اليهودية الداعمة لوصوله لسدة الحكم . ومن هنا جاء التقارب وعقد اللقاءات والحت ضرورة الأحداث العالمية حاليا على ذلك ؛ وخاصة بعد تحفيز ميليشيات الحوثي على ضرب المنشآت النفطية السعودية ؛ بعدما رفضت المملكة ذيادة الإنتاج وتعويض النقص في الأسواق وترجيح كفة الروس فى الحرب الدائرة بينه وبين حلف الناتو على أرض اوكرانيا . لذا كان يجب علينا أخراج وتحيبد إسرائيل من المعادلة ؛ وحرق الورقة التى يلعب بها الحزب الديموقراطي ؛ ليكون التحالف العربى الجديد واقترابه من إسرائيل هدفه طمئنة اللوبى اليهودى وفصل إسرائيل ؛ وعدم أستخدام أمنها كورقة تضمن بقاء الحزب على سدة الحكم فى الولايات المتحدة الأمريكية ؛ ولأول مرة تستطيع الدول العربية التحكم وفرض نفوذها لترجيح كفة حزب على الآخر داخل الولايات المتحدة الأمريكية . أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية بتساهلها مع إيران فى الاتفاقات النووية الحالية بغية ذيادة أنتاجها من النفط قد أثار حفيظة إسرائيل ؛ وهنا تتلاقى المصالح بين الدول المجتمعة فى النقب ؛ حتى وجود وزير الخارجية الأمريكي لا يعنى أن هذا التجمع على هوى الإدارة الأمريكية ؛ ولكننا فرضنا عليهم سياسية الأمر الواقع ؛ وأجبرناهم على سياسة الأمر الواقع وما أقرب الأيام التى قد تثبت صحة هذه التوقعات ؛ أو ربما تنفيها . نسئل الله العلى القدير أن يحفظ وطننا العربي وشعوبه وقيادته الوطنية المخلصة .