ذات صباح في شهر سبتمبر الماضي كان رجال البعثة المصرية بمنطقة سقارة الأثرية يعملون بحرص شديد بحثا عن اكتشافات جديدة قبل أن يهتف أحدهم فجأة معلنا عن العثور على مقابر من الدولة القديمة.
وبعدها طغت على الوجوه علامات الفرحة نظرا لأهمية الكشف المذهل وفقا لحديث محمد يوسف مدير منطقة آثار سقارة.
وتفقد خالد العناني وزير السياحة والآثار أعمال التنقيب بالمنطقة الواقعة شمال غرب هرم الملك مرنرع بسقارة والكشف عن 5 مقابر منقوشة من عصري الدولة القديمة والانتقال الأول.
ويؤكد مدير منطقة آثار سقارة أن البعثة المصرية وجدت المقابر الفرعونية في حالة جيدة، تحوي العديد من القطع الأثرية الهامة والنقوش الجميلة التي احتفظت برونقها رغم مرور آلاف السنوات موضحا اهتمام المصري القديم بأن يصنع شيئا ذا قيمة حقيقية لا يتأثر بعوامل الزمن وهو ما يضفي على المنطقة سحر من نوع خاص.
ويضيف يوسف : هناك فريق كامل يعمل منذ شهور عديدة تحت قيادة الدكتور مصطفى وزيري أجرينا العديد من التجارب من بينها المسح الأثري حتى تمكنا في نهاية المطاف من اكتشاف المقبرة الأولى انهمك الجميع في خطوات الحفائر حتى وصلنا إلى غرفة الدفن وأسفر المجهود المبذول بالمنطقة عن العثور على مزيد من المقابر.
وتعود المقابر المكتشفة إلى أحد كبار رجال الدولة وسيدة يرجح أن تكون زوجة لشخص يدعى ياريت نظرا لقربها من مقبرته والثالثة للكاهن ببي نفر حفايي الذي شغل مناصب عديدة من بينها مُطهر البيت والسمير الأوحد والرابعة للسيدة بيتي كاهنة المعبودة حتحور والخامسة للمُشرف على القصر الملكي حنو المُلقب بالعمدة وهو حامل أختام الوجه البحري.
ويتابع مدير موقع الحفائر بالبعثة المصرية : منذ الوهلة الأولى غمرتنا مشاعر الفخر والسعادة باكتشاف مقابر جديدة لأجدادنا القدماء، إحساس لا يمكن وصفه في كلمات قليلة دقات القلب تسارعت حينما وطأت أقدامنا مناطق لم يدلف إليها أحد منذ 2400 عام مسؤولية كبيرة تجاه تراثنا العريق وتاريخ يُسطر من جديد بفضل تلك الاكتشافات.
ويسترسل يوسف : عقب العثور على المقابر على يد رجال الحفائر كان هناك تعاون كبير مع فريق ترميم من ذوي الخبرة قاموا بدور هام في الحفاظ على القطع الأثرية المكتشفة فضلا عن عمليات التنظيف الدقيقة وتقوية الألوان وإعادة تجميع بعض الأجزاء وإعادتها إلى طبيعتها الأولى داخل معامل الترميم بسقارة والمخازن المتحفية الخاصة بحفظ الآثار.
وعُثر داخل المقابر المكتشفة على العديد من الدفنات وتابوت ضخم من الحجر الجيري وقطع أثرية منقوشة وعدد من المناظر الجنائزية.
ومن المتوقع العثور على المزيد من الكنوز في المنطقة التي جاري البحث عنها، كما يؤكد مدير منطقة آثار سقارة حيث تستمر البعثة المصرية حتى الآن في أعمال الحفائر لاكتشاف المزيد من أسراره.
ويردف مدير موقع الحفائر بالبعثة المصرية: نحن نعمل في مكان واعد للغاية يحمل في باطنه الكثيرة من الخبايا ولم يشهد أعمال حفائر في فترات سابقة، نعلم قيمة اكتشاف الجبانة الجديدة التي سيتم وضعها بالتأكيد في الخريطة الأثرية لذلك لم يتوقف العمل لحظة في المنطقة الأثرية الشهيرة
كانت البعثة الأثرية المصرية أعلنت في السنوات الماضية عن اكتشافات أثرية هامة بسقارة، منها الكشف عن مئات التوابيت الآدمية الملونة بداخلها مومياوات في حالة جيدة من الحفظ لكبار رجال الدولة والكهنة من الأسرة الـ26 وجرى اختياره كأحد أفضل 10 اكتشافات أثرية في العالم لعام 202.
ويعتقد يوسف أن الكشف الجديد سيكون له مردود كبير في مجال الآثار، ويقول: لأننا نتحدث عن مقابر جديدة تُضاف إلى علم المصريات سيكون هناك دراسات واسعة حولها وعن أصحابها وألقابهم والمناظر البديعة التي جرى العثور عليها في غرف الدفن بجانب انعكاس ذلك على جذب السائحين إلى منطقة سقارة للتعرف على الاكتشافات الحديثة ومعايشة تجربة فريدة في الاقتراب من حياة القدماء المصريين.
ويثمن مدير منطقة اثارة سقارة الدعم المستمر من رئيس المجلس الأعلى للآثار، ورئيس البعثة المصرية التي عثرت على المقابر منوها إلى أن ذلك ساهم في اتخاذ خطوات كبيرة بالمكان من بينها الاكتشافات الحديثة فضلا عن اهتمام وزارة السياحة والآثار المصرية بتوفير كافة سبل المساندة لهم من أجل الوصول إلى أفضل نتائج أثناء أعمال الحفائر.