سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الإسراء بعد فقد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أولى زوجاته خديجة بنت خويلد وعمه أبا طالب اللذَينِ كانا يؤانسانه ويؤازرانه ضاقت الأرض بهِ نظراً لما لاقاه من تكذيب وردّ من قبل المشركين. وبعد وفاة عمهِ توفيت زوجته خديجة فى نفس السنة فسميت تلك السنة بعام الحزن. وفى سبيل الدعوة ذهب الرسول الى الطائف وحيداً يدعوهم الى الإسلام والتوحيد لكنهم طردوه وسلطوا عليه صبيانهم وغلمانهم يرمونه بالحجارة فآذوه كثيراً وهنا دعا النبى دعاءه المشهور شاكياً الى ربه: اللهم الى من تكلنى… فيرسل الله اليه جبريل مع ملك الجبال ويقول له جبريل لو شئت نطبق عليهم الجبال فيقول النبى محمد: لا – لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحّد الله فكرّمه الله بقدرة الهية وآنسه بحادثة الإسراء والمعراج، فأى تكريم ومؤانسة أشد وأعظم من تكريم كهذا إذ أتى جبريل ليصحب الرسول فى رحلة الإسراء والمعراج.
بدأت الآية الكريمة بتنزيه وتسبيح الله سبحانه وتعالى، حيث أن الحدث خارج نطاق قدرة البشر، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل أسريت، إنما قال اٌسرى بى الإسراء والمعراج هى حادثة جرت ليلاً سنة 612 م ما بين السنة الحادية عشرة الى السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية، إحدى معجزات النبى محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومن الأحداث البارزة فى تاريخ الدعوة الإسلامية. وبعبده أن الإسراء والمعراج بالروح والجسد أن الله سبحانه وتعالى أسرى بنبيه على البراق مع جبريل عليه السلام ليلاً من المسجد الحرام بمكة، الى بيت المقدس أمهم بالصلاة، وبها حدث أكبر مؤتمر عالمى حيث قابل رسولنا الكريم جميع الأنبياء والرسل وأمهم بالصلاة، وبذلك أصبح المسجد الأقصى بذمة المسلمين، وإن كان تم فتح المسجد الأفصى فى ذمن الفاروق عمر بن الخطاب وهذا يعنى أن الوكالة صارت للأمة الإسلامية للحفاظ على المسجد الأقصى، ومعنى الإنتقال بالبراق يعنى الأخذ بالأسباب لتنسيق حياتنا، وعند وصول رسولنا الكريم الى المسجد الأقصى قام بربط البراق يعنى الحيطة بصرفاتنا.
ثم عرج الى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى أى الى أقصى مكان يمكن الوصول اليهِ فى السماء وعاد بعد ذلك فى نفس الليلة، وسُميت سورة الإسراء على إسم الحدث يُقصدُ بالإسراء الرحلة الأرضية، والإنتقال العجيب بالقياس الى مألوف البشر، الذى تمَّ بقدرة الله من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى، والوصول اليه فى سرعة تتجاوز الخيال يقول تعالى فى سورة الإسراء:
سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . وأما المعراج: فهو الرحلة السماوية والإرتفاع والإرتقاء من عالم الأرض الى عالم السماء حيث سدرة المنتهى، ثم الرجوع بعد ذلك الى المسجد الحرام، يقول تعالى فى سورة النجم: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى 1 كان لرحلة الإسراء والمِعراج الكثير من الدُروس والعبر المستفادة، منها ما يأتى: تعويضُ الله -تعالى- للنبى -عليه الصلاة والسلام- لصدّ النّاس عنه وخاصّةً أنّ الحادثة كانت بعد أذى أهل الطائف له، ومَنعُه من دُخول المسجد الحرام الا بجوار مِطعم بن عدىّ، فعوّضه الله -تعالى- بفتح أبواب السماء له، وترحيب أهلها به.
تعزيةٌ ومواساةٌ من الله -تعالى- لنبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة زوجته خديجة -رضى الله عنها- وعمّه أبى طالب فأكرمه برؤية آياتٍ من ربّه وأمور أخرى. فتنةُ النّاس وإمتحانهم من خلال بيان المُصدّق والمُكذّب له حيث إنّ الذهاب الى بيت المقدس لا يكون الا برحلةٍ مقدارُها شهرين ذهاباً وإياباً وسُمّىّ من حينها أبو بكرٍ -رضى الله عنه- بالصّدّيق؛ لتصديقه للنبى -عليه الصلاة والسلام- فى مُعجزة الإسراء والمِعراج.
بيان صدق النبى -عليه الصلاة والسلام- بعد وصفه للناس ما يعجز البشر عن وصفه. بيان أهمية الصلاة ومكانتها حيث إنّها فُرضت فى السماء. الدلالة على أهمية المسجد الحرام والمسجد الأقصى والربطُ بينهما، وقيامهما على التوحيد والإخلاص.