كتب : أديب سلامة
أعد مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحى، الأمين العام المساعد للجان المتخصصة،
تقريرًا عن قِطاع السِياحة، بين الواقع والجهود الحكُوميَّة وسُبل النهوض به، يرصد أهمية وواقع القطاع فى مصر، مستعرضًا
أهم الجهود المَبذولة، متناولًا أبرز التحديات التي يجبُ العمل عليها من أجل تعظيم مساهمة القطاع كآليَّة لتحقيق التنمية المُستدامة.
وأشار التقرير، إلى أن مُنتَدى شباب العالَم الذي نظمته مصر بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة “3-6” نوفمبر 2018، جاء كحلقة في
سلسلة الجهود التي تبذلها أجهزة الدولة المَعنية من أجل استعادة مِصر لمكانتها السِياحيِة عن طريق استهداف زيادة أعداد السياح
إلى 20 مليونًا، لتحقيق 12 مليار دولار للاقتصاد المِصريّ، مثلما كان الوضع خلال عام 2010، بعد تراجعها بفعل الأوضاع الأمنيَّة
غير المُستقرة، لا سِيَّما في شبه جزيرة سيناء، والتي أسفرتْ عن تراجع أعداد السائحين لمِصر إلى 5.3 ملايين سائح في العام 2016،
مُقارنةً بـ9.1 مليون سائح في العام 2015، وذلك على خلفية أزمة حظر سفر السائحين الروسيين منذُ نوفمبر 2015، حيثُ يشكّل السائح الروسيّ
نحو 30% من حجم السِياحة الوافدة إلى مِصر، إلا أن الجهود تُبذل على قدم وساق من أجل زيادة الحركة السِياحِية الوافدة لمِصر،
وقد تُوِّجتْ بالنجاح فقد زادتْ أعداد السائحين والإِيرادات السِياحِية في العام المالي 2017-2018، لأكثر من
الضعف المتحقق في العام الماليّ السابق له.
وتناول التقرير، أهمية وواقع قِطاع السِياحة في مِصر، حيث شهدتْ السِياحة المِصريَّة، على مدى عقود، نموًا مُستمرًا لتصبح واحدة
من أسرع القطاعات الاقتصاديَّة نموًا وارتباطًا وثيقًا بالتنمية، حيثُ لعبتْ دورًا كبيرًا في الميزان التِّجاريّ المِصريّ، وأصبحتْ السِياحة
وما يرتبط بها من خدمات النقل والسفر أحد العناصر الرئيسة في التِّجارة الخارجيَّة لمِصر، وتمثل في الوقت ذاته أحد مصادر الدخل
والعملة الأجنبيَّة، حيثُ بلغتْ نسبة الإيرادات السِياحِية نحو 45.7% من إجمالي المتحصلات الخدميَّة في العام المالي 2017-2018،
فقد كان الارتفاع والانخفاض في متحصلات ميزان الخدمات مرتبطًا بالتغيرات في المتحصلات من الإيرادات السِياحِية.
وتابع: “بهدف جذب نحو 20 مليون سائح بحلول العام 2020، تضافرت جهود الجهات المعنية بشكلٍ مباشر بقطاع السِياحة
(وزارة السِياحة، هيئة التنشيط السِياحيّ، وهيئة التنمية السِياحية)، وكذلك الجهات الحكُوميَّة والقطاع الخاص الذى يرتبط
بالقطاع بشكل أو بآخر، مع المُجتمع المدني، من خلال استغلال عدد من الآليَّات التي تعمل على تنشيط هذا القطاع الذي يشهد تدهورًا
على إثر الأوضاع الأمنيَّة غير المواتية التي تؤثر بشكلٍ كبيرٍ على قرار السائح الأجنبيّ بالمجىء إلى مِصر من أجل السِياحة. وقد تكللت
تلك الجهود بتحقيق قطاع السِياحة نموًا ملحوظًا خلال عام 2017، مقارنةً بعام 2016، حيثُ زاد عدد السائحين القادمين
إلى مِصر في عام 2017 ليصل إلى 8.3 مليون سائح مقابل 5.4 مليون سائح في عام 2016، وذلك بزيادة قدرها 53.7%،
ولكنها ما زالتْ منخفضة، مقارنة بعام 2015، والتي كانت تبلغ 9.3 مليون سائح.
وتناول التقرير التوزيع الجغرافيّ للسائحين القادمين إلى مِصر طبقًا للجنسية خلال عام 2017، موضحًا أن أوروبا الغربية تصدرتْ
قائمة الدول المُصدِّرة للحركة السِّياحيَّة بنسبة 34.6%، تليها السِّياحة العربيَّة الوافدة من الشرق الأوسط بنسبة 23.7%، واحتلت
أوروبا الشرقية المركز الثالث بقائمة الدول وفقًا للتوزيع النسبيّ بنسبة 21.7%، وجاء السائحون القادمون من إِفريقيا في الترتيب الرابع
بنسبة 7.8%، تليها دول شرق آسيا والباسيفيك بنسبة 4.5%، فيما جاءتْ دول أمريكا الشمالية بالترتيب السادس بنسبة 3.6%،
بينما جاءتْ دول جنوب آسيا في الترتيب السابع بنسبة 3.2%، تليها أمريكا اللاتينية بنسبة 0.7%، ومثّلت دول أخري نسبة 0.2%
، وبذلك تزايد عدد السائحين القادمين من أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا ودول الباسيفيك في عام 2017
مقارنةً بعام 2016، في مقابل تراجع أعداد السائحين من المناطق الأخرى حول العام.
فيما يخصُّ إيرادات السِياحة، شهدتْ هي الأخرى تحسنًا مع تحسن الأوضاع الداخليَّة بمصر، حيثُ ارتفعتْ لتصل إلى 9.8 مليار دولار
في العام المالي 2017-2018، مقارنةً 4.3 مليار دولار 2016-2017، مقارنةً بـ3.8 مليار دولار في العام الماليّ 2015-2016.
ويتضح أن المتحصلات الخدميَّة إلى المدفوعات الخدميَّة مثّلت ما نسبته 207.3% في العام 2017-2018، مقابل 157.4% في العام 2016-2017.
وذكر التقرير الجهود الحكُوميَّة للنهوض بقِطاع السِياحة فى مِصر، حيث استعرضت “رانيا المشاط” وزيرة السِياحة خلال جلسة نقاشيَّة
نظمها المَجلِس الدولي للسِياحة والسفر تَجرِبة السِّياحة فى مِصر، مؤكدة أن “وزارة السِياحة بصدد إطلاق برنامج إصلاح هيكلىّ
يهدفُ إلى تطبيق مفاهيم التنمية المُستدامة، التي تتماشى مع الاتجاهات العالَميَّة، وزيادة تنافسيَّة القطاع”. وفي هذا الإطار،
يمكن الوقوف على أبرز الجهود الحكُوميَّة، التي بُذلتْ على مدار الفترة التي تلت أزمة الطائرة الروسيَّة، للنهوض بقِطاع السِّياحة فى مِصر
، منها خطط تسويق إِعلاميَّة وإِلكترونيَّة، ومعايير وإجراءات أمن وسلامة، وتعاون مع الشركاء، ومبادرات وحملات تنشيطية،
ومشاركة وتنظيم فعاليات، وبروتوكولات واتفاقيات.
وتناول التقرير التحديات والآفاق المُستقبليَّة لقطاع السِّياحة في مصر حيث تُوِّجتْ الجهود بتوقع صُندوق النقد الدوليّ، زيادة إيرادات السِّياحة
تدريجيًّا لتصل إلى 13.3 مليار دولار في نهاية 2021-2022، وعلى المستوى المحلىّ أعلنت وزيرة السِّياحة “رانيا المشاط”
أن هناك انتعاشًا كبيرًا في عدد السياح سيقود إلى مساهمة القطاع بـ15% من الناتج المحليّ الإجمالي خلال العام الحالي،
وزادتْ أعداد السياح لتتجاوز 10 ملايين للمرة الأولى منذُ العام 2012.
واختتم التقرير بتقديم عدد من المقترحات للتنمية السياحية، جاء أبرزها، الاستثمار الجيد في العنصر البشريّ، وإعادة النظر
في سياسات التأشيرات، وتكثيف الحملات الترويجيَّة ودراسة الأسواق المُصدِّرة للسِياحة المِصريَّة، وتطوير أسطول النقل السِياحىّ
، وتشجيع الاستثمار السِياحيّ ودعم القطاع الفندقيّ، وزيادة مساهمة الحكُومة في قطاع السِياحة، وتفعيل الأنماط السِياحِية
غير التقليديَّة، وتعظيم المساهمة التنموية لقطاع السياحة.