متابعه/محمد مختار قطعت حكومة جونسون عهدا على نفسها بعدم تشديد قيود الإغلاق مع التزام الناس بالإقبال على تلقى جرعات لقاح كورونا، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن. ظهر متحور أوميكرون سريع الانتشار، وعاود مؤشر الإصابات للارتفاع من جديد، حتى وصلت الإصابات اليومية إلى 200 ألف إصابة، أوميكرون لم يميز بين من تلقى جرعة واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو ذاك الذى لم يتلق أى جرعات، أصاب الجميع بدرجات حدة تفاوتت حسب مناعة كل شخص، فماذا فعلت الحكومة وماذا فعل الناس من أجل كبح جماح ذلك المتحور سريع الانتشار؟. عقب انتهاء عطلة رأس السنة وأعياد الميلاد، توقع قطاع كبير من الناس تمديد الإجازة بسبب ارتفاع الإصابات، ولكن الحكومة كان لها رأى آخر هو استمرار العملية التعليمية كما هى مع فرض بعض الإجراءات لتقليل نسب الإصابات، أول هذه الإجراءات عودة فرض إلزامية ارتداء الكمامة على الطلاب الكبار وحتى سن معينة، أما الطلاب صغار السن فقد طالبت المدارس آباءهم بضرورة عمل اختبار كورونا منزلى بشكل يومى للأبناء قبل الحضور للمدرسة، يضاف إلى ذلك إجراءات أخرى تم تطبيقها داخل المدارس بينها الحرص على عمل تباعد فى أماكن الجلوس بين الطلاب بعضهم البعض، وتنسيق مواعيد حضور وخروج الطلاب من المدارس بحيث لا يحدث زحام أثناء حضورهم أو أثناء انصرافهم، فجعلت إدارة المدارس عشر دقائق فارقة بين حضور طلاب الصف الأول مثلا وطلاب الصف الثانى، كما استخدمت المدارس جميع أبوابها الرئيسية الخارجية لتوزيع دخول وخروج الطلاب من أكثر من جهة تجنبا لأى تزاحم. فيما يتعلق بالمدارس أيضا قرر وزير التعليم البريطانى ناظم الزهاوى، تقليص فترة العزل للمدرسين والموظفين التعليميين المصابين بكورونا، من سبعة أيام إلى خمسة أيام فقط، وذلك من أجل المساعدة فى دعم استمرار العملية التعليمية بعدما رصدت تقارير حكومية غياب نحو ربع العاملين بالقطاع العام بما فيه المدارس بسبب زيادة الإصابات بفيروس كورونا. حرصت إدارة كل شركة على تطبيق إجراءات أكثر تشددا خاصة مع القادمين من السفر، فلم يسمح لهم بمعاودة العمل إلا بعد أن يحضروا ومعهم تحليل «بى سى آر» سلبى، ومن لديهم أى أعراض برد طالبتهم بإجراء تحليل كورونا منزلى بشكل يومى، وهو تحليل يوزع مجانا فى الصيدليات ومراكز التسوق. كما وفرت أغلب الشركات، كمامات ومطهرات مجانية للعاملين لديها لاستخدامها أثناء فترات العمل، فضلا عن الحرص على فتح النوافذ للتهوية رغم برودة الجو، لكن التهوية ولو لفترة قصيرة يوميا كانت إجراء إلزاميان بعض مراكز التسوق عادت لإجراء تنظيم دخول المتسوقين عن طريق السماح لعدد محدود فقط بدخول مركز التسوق، وانتظار الباقين بالخارج فى طوابير تراعى مسافات التباعد الاجتماعى، كما يحرص أمن مراكز التسوق على سؤال المتسوقين عن الكمامة، بالإضافة لوضع مطهرات على مداخل ومخارج مراكز التسوق، وفى المراكز كبيرة الحجم، حرصت إداراتها على تخصيص عدد من العاملين لمهام التطهير باستمرار على مدار اليوم. أعادت الحكومة فرض إلزامية ارتداء الكمامة فى المواصلات العامة، كما وضعت مطهرات لليدين عند مداخل ومخارج كل محطة قطار أو مترو أنفاق، وفرض سائقو الأتوبيسات حدا معينا لعدد الركاب، إذا استوفى هذا الحد لا يسمح لركاب آخرين بركوب الأتوبيس. تجنبا للتزاحم حرصت مراكز الألعاب الرياضية على إضافة تقنية جديدة لأعضائها عبر الموقع الإلكترونى لكل مركز، هذه التقنية تتيح الحجز المبدئى قبل القدوم إلى صالة الألعاب، وحين يصل عدد الحاضرين بالصالة إلى حد معين من اللاعبين تتوقف إمكانية الحجز، فيما يتم تقسم اليوم إلى ساعات فيمكن لكل لاعب حجز مكانه بساعة محددة، وإذا وجدها غير متاحة لاكتمال العدد، يمكنه الحجز فى ساعة أخرى من اليوم. وفى صالات الألعاب أيضا يحرص العاملون هناك على تطهير المكان باستمرار، لأكثر من مرة على مدار اليوم، كما يفحص موظفو الاستقبال هوية كل لاعب للتأكد من حجزه عبر الموقع الإلكترونى بشكل مسبق، ويتم تطبيق ذلك على جميع أقسام صالات الرياضة. بهذه الإجراءات استطاعت قطاعات المجتمع البريطانى مساعدة الحكومة لتجنب فرض إغلاق جديد، حيث لا يزال الاقتصاد يعانى من إغلاق سابق فرضته جائحة كورونا فى بدايتها واستمر لعدة أشهر، لكن برغم كل الجهود، لا تزال معدلات الإصابة بكورونا مرتفعة من حيث العدد، لكنها خفيفة من حيث الوطأة بسبب التطعيمات التى قطعت الحكومة شوطا طويلا بها، مما كان له أثره الإيجابى على التخفيف عن كاهل القطاع الصحى بالبلاد وتقليل عدد من يحتاجون للرعاية داخل المستشفيات. ارتفاع وتيرة الإصابات بفيروس كورونا فى بريطانيا وزيادة أعداد المرضى المحتاجين لدخول المستشفيات، كل هذا لم يثن الحكومة عن قرارها بعدم فرض إغلاق جديد فى البلاد، ومع ارتفاع إجمالى أعداد وفيات كورونا إلى 150 ألف شخص، أصبحت بريطانيا الدولة السابعة عالميا من حيث الوفيات بكورونا. ومع إصرار الحكومة على عدم فرض إغلاق جديد أو تعطيل التعليم لتقليل الإصابات، طالبت المعارضة البريطانية بفتح تحقيق موسع لرصد حالات المستشفيات وتقييم موقف الحكومة الرافض لفرض إغلاق جديد. ومع بلوغ إجمالى وفيات كورونا 150 ألفا، صرح رئيس الوزراء البريطانى بأن وباء كورونا تسبب فى خسائر فادحة لبريطانيا، ولكن يبدو أن جونسون يعتقد أن الإغلاق سيزيد من خسائر البلاد أكثر، ولن يفيد فى تقليل معدلات الإصابة بالشكل الذى يعتقده المعارضون. أرسل الجيش البريطانى أكثر من ألف وثمانمائة عنصر طبى لدعم المستشفيات فى أماكن متعددة من البلاد. ووضع خطة لتوزيع أفراده على مستشفيات المملكة المتحدة.. أطقم طبية عسكرية تحاول سد الحاجة والإحلال محل أطباء وممرضين مدنيين توقفوا عن العمل بسبب الإصابة بالمتحور أوميكرون السريع الانتشار. وزير الصحة البريطانى ساجيد جافيد، أكد أن الأسابيع المقبلة ستكون صعبة داعيا إلى الإقبال على الجرعة المعززة، خاصة بعد ظهور دراسة تؤكد أن واحدا من كل ١٥ شخصا فى المملكة المتحدة مصاب بالمتحور الجديد لفيروس كورونا، وأن المستشفيات البريطانية تسجل غياب ما بين 4 فى المائة إلى تسعة فى المائة من موظفيها حسب المناطق، فيما كانت منطقة شمال إنجلترا الأكثر تأثرا بالوباء. تأثر القطاع الصحى بانتشار متحور كورونا، فغاب عدد كبير من الأطباء وطواقم التمريض عن العمل لعزل أنفسهم بعد إصابتهم بالمتحور الجديد، كل هذا أدى لنقص الطواقم الطبية وزيادة طوابير الانتظار لمحتاجى الرعاية الصحية بشكل عام وليس مرضى كورونا وحدهم، ومن أجل حل هذه المعضلة اقترح ريشى سوناك وزير الخزانة البريطانى زيادة نسبة ضريبة الدخل بنسبة 1.25 بالمائة من أجل استخدام الزيادة الجديدة فى الموارد المالية للدولة فى تعيين أطباء جدد وطواقم تمريض لدعم القطاع الصحى وتقليص مدد انتظار الرعاية الصحية. الزيادة الجديدة لضريبة الدخل أحدثت جدلا كبيرا داخل الأوساط البريطانية، خاصة أنها تأتى فى وقت يحتاج فيه المجتمع لدعم أكثر وليس لوضع استحقاقات جديدة على كاهله. الحكومة حاولت طمأنة المجتمع بالتأكيد على أن الزيادة الجديدة فى الضرائب ستدعم القطاع الصحى كما ستدعم الأسر الأكثر احتياجا، حيث سيتم زيادة الدعم المالى لأسر ذات دخول منخفضة كما سيتم دعم فواتير الطاقة، بعد ارتفاع أسعار الغاز مؤخرا بسبب تقليل واردات الغاز الروسى إلى أوروبا بشكل عام، وبريطانيا بشكل خاص.