الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف شخصية ثرية تُغري بالكتابة عنها وتناول الجوانب العديدة التي تتميز بها، سواء على المستوى العلمي أو الأخلاقي أو الإنساني.. وكثيرا ما كتب عنه كُتاب ومؤلفون، لكن الكتابة عنه هذه المرة جاءت بطعم مختلف، ورؤية تشعر وأنت تسبح بين سطورها بشيء غريب يتسلل إلى أعماقك فتتأكد أن الشعب المصري سيظل على مدى الزمان نسيجًا لا يمكن فَصْم عُراه ولغزًا يصعب حل شفرته.. جاءت الكتابة عن الإمام الأكبر هذه المرة من سيدة قبطية تعشق الأزهر الشريف.. لا تتعجب عزيزي القارئ فكما قلت لك إننا شعب فريد في تنوعه وتعايشه، وكم سمعنا قصصًا تقترب من الخيال عن جيران وأصدقاء وزملاء أقباط ومسلمين لم يشعروا يوما بفارق فتراهم في الأفراح والأتراح يدًا واحدة لا تعرفهم إلا حين يذهب المسلم إلى المسجد ويذهب القبطي إلى الكنيسة. أعترف بأنني تأخرت كثيرًا في الكتابة عن هذا الكتاب الرائع لكني عملت بالمثل القائل: أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي.. فقد شدني أسلوب الكاتبة فلم أستطع قراءته قراءة عابرة بل جذبني لقراءته من الغلاف إلى الغلاف، فقد كتبته بقلبها قبل قلمها الكاتبة والشاعرة القبطية مريم توفيق واختارت له عنوانا عبقريا هو “إمام المصريين” تعبيرا عن مكانة الإمام الأكبر لدى المصريين مسلمين وأقباطا.. بين دفتي الكتاب تقرأ كلمات رقيقة لكاتبة من طراز فريد تتناغم حروفها في سيمفونية حب للأزهر الشريف وإمامه الطيب الذي تؤكد في سطور كتابها أنه “إمام كريم لا يصد بابه في وجه من تعثر في الدروب؛ الغني والفقير… الشيخ الجليل صادع في الحق دون ضجيج، هو الأنيس وبلسم الأدواء… يخلص البذل والعطاء بعذب البيان فتطيب الجراح… شكرا لله الذي أهدى الأكوان قيثارة الألق وجه السماحة والتقى ..الطيب الإمام رقيق كالنسائم في الوداد”.. وبين سطور الكتاب تجد هذه الكلمات العذبة في وصف “إمام المصريين” “الطيب.. العالِم الجليل أرنو فأرتوي من ينابيع علمه الغزير، من عطائه السخي أستزيد.. “الطيب” الذي بات رمزًا لكل ما هو فاضل وأصيل مخلص يقود الأمة إلى بر الأمان بالحكمة والضمير”.. حين سألت الكاتبة عن احتفائها بالأزهر وشيخه وفي الوقت ذاته تمسكها بعقيدتها المسيحية قالت: لقد دخلت الأزهر ولن أخرج منه؛ لأنني أومن بأن الأديان بينها مشتركات كثيرة جدا.. ووجدت مصداق ذلك في كتابها حين تقول: “يحدوني الأمل في الطيران نحو الأزهر الشريف والعلماء الأجلاء.. هنا مملكة اشتياقي بغطاء الرأس المعطر بالمسك والعنبر أزهو، كم طوَّق عنقي فأفتخر دون النساء.. أتوق للوجه البشوش يضيء كالبدر مكتملا، أحن إلى محطات اللقاء”. وأحب أن أختم بكلمات مريم توفيق التي تعبر عن حال كل مصري.. فتقول: “سألوني: لماذا تتحدثين عن المسلمين بكل هذا الحب والاعتزاز وأنتِ من قوم عيسى “عليه السلام”؟ قلت: مصرية أنا على أرض الكنانة عاش أجدادي مع المسلمين، اقتسموا الخبز والملح، يجتمعون على قلب رجل واحد، عن الحِمى الكل يذود ضد الطامع والغاصب، وما زلنا نروي بدمائنا أرض الطهر المذكورة بكتب السماء، محمد ومينا، زينب ومريم، هم الحب بغير رياء، إن ألمَّ بأي منا جرح يهرع لنجدته الجميع”.. ولا أملك إلا أن أقول: شكرا مريم توفيق، فكتابك “إمام المسلمين” يستحق القراءة والاحتفاء..