وزارة المالية الإثيوبية أعلنت أن حكومة البلاد وقعت اتفاقا مع مجموعة المكتب الشريف للفوسفات المغربي يهدف إلى تنفيذ مشروع للأسمدة في دير داوا بإثيوبيا، باستثمار إجمالي يمكن أن يصل إلى 3.7 مليار دولار.وكشفت الوزارة الإثيوبية على حسابها بموقع تويتر إنه بموجب هذا الاتفاق، سيتم إحداث مُركب للأسمدة بمنطقة دير داوا باستخدام الموارد المحلية أي الغاز الاثيوبي والحمض الفوسفوري المغربي.
المشروع الهائل سيتطلب استثمارا مبدئيا يقدر بحوالي 2.4 مليار دولار أميركي خلال المرحلة الأولى لتطوير وحدة إنتاج أسمدة بحجم 2.5 مليون طن، ويمكن أن تصل طاقتها الإنتاجية إلى 3.8 مليون طن سنويا، باستثمارات إجمالية تصل إلى 3.7 مليار دولار أميركي في المرحلة الثانية.
وأكدت وزارة المالية الإثيوبية أن هذا المشروع ستكون له مساهمة كبيرة في تلبية الطلب المحلي المتزايد على الأسمدة، مضيفة أنه اعتباراً من السنة المقبلة ستصل واردات الأسمدة في إثيوبيا إلى مليار دولار أميركي ويمكن أن تصل إلى ملياري دولار سنة 2030.
كما أكدت الوزارة ذاتها أن الحكومة الإثيوبية تؤكد دعمها الثابت للزراعة من خلال الجهود المستمرة لإيجاد حلول ناجعة للتحديات الزراعية والصناعية في البلاد.
وفي تعليقه على الموضوع قال هشام حافظ، الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية وجامعة محمد الخامس بالرباط: “الاتفاقية بين المغرب وإثيوبيا هي تجسيد للرؤية الاستراتيجية للمملكة المغربية التي تعتمد على مبدأ التعاون جنوب-جنوب والتي تضع المواطن الأفريقي في صلب الاهتمامات السوسيواقتصادية.
وأضاف : أفريقيا اليوم تواجه مجموعة من التحديات المشتركة وعلى رأسها تحويل المواد الأولية داخل أفريقيا وكذلك تحدي الأمن الغذائي لاسيما وأن جل دول شرق أفريقيا تعاني من ضعف المردودية الفلاحية والاكتفاء الذاتي من حيث التغذية.من جهة أخرى لاحظ الخبير أن إثيوبيا أصبحت خلال السنوات الأخيرة، تُعتبر من بين الدول الأكثر دينامية في شرق أفريقيا من حيث الإصلاحات الاقتصادية وأصبح كذلك قوة ديموغرافية حيث بلغت الكثافة السكانية بها أكثر من 100 مليون نسمة. والاتفاقية التي أبرمت بين البلدين هي كذلك تندرج في إطار الإصلاحات الاستراتيجية لإثيوبيا وتعتبر من بين أكبر المشاريع الاستراتيجية ذات القيمة المضافة العالية في شرق أفريقيا.
وتابع هشام حافظ ضمن التصريح الذي خص به أن مشروع الأسمدة متكامل ويعتمد على موارد طبيعية أفريقية محضة. وهو أيضا مشروع يهدف إلى عصرنة الزراعة وتعزيز المردودية الفلاحية بالإضافة إلى تقوية سلاسل الإنتاج الأفريقية وخلق فرص شغل، نظرا لأهمية القطاع في مجال التشغيل دون أن نغفل تعزيز الأمن الغذائي ليس لإثيوبيا فحسب بل لدول شرق أفريقيا برمتها.
وختم الأستاذ حافظ كلامه مؤكدا أن السياسة الأفريقية للمغرب هي سياسة محكمة، صادقة تسعى إلى مواكبة دينامية الاصلاحات الاستراتيجية في أفريقيا ومواجهة التحديات الكبرى في القارة.من جانبه علق الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة على هذا الاتفاق الكبير قائلا: بات مؤكدا اليوم أن انخراط المغرب في مشاريع اقتصادية مهيكِلة في القارة الأفريقية، أصبح يزعج بعد اللاعبين التقليديين في أوروبا الذين كانوا دائما يعتبرون هذه الاسواق والفضاءات الأفريقية حكراً عليهم ولا يستحملون أي منافسة خصوصا من الدول التي كانوا يعبرونها حتى وقت قريب تحت سيطرتهم.
وتابع الطوسة أنه خلافا لبعض القوى الأوروبية، فإن الاستراتيجية المغربية التي أطلقها الملك محمد السادس، منذ أن اتخذ المنعطف الحيوي بالعودة إلى الاتحاد الأفريقي كانت دائما مبنية على منطق رابح-رابح الذي يخدم أولا وقبل كل شيء مصلحة المواطن الأفريقي ويجعله يستفيد من خيراته ومشاريعه.
وبحسب المتحدث فإن هذا التصور المغربي هو ما يفسر قوة الاستقطاب التي تمارسها الرباط داخل الفضاء الأفريقي خلافا للمقاربة الأوربية التقليدية المبنية على استغلال الثروات في إطار علاقة شمال جنوب المستنزفة للخيرات بدون فائدة تذكر لصالح المواطن الأفريقي. هذه المقاربة المغربية من شأنها أن تحدث ازعاجات وتصدعات في منظومة حلفاء المغرب الأوربيين الذين يقومون بحركات معينة ويتبنون مواقف معادية للمغرب من أجل نسفها أو التقليل من اختراقاتها