بقلم /عارف نبيه
هل للمثقف المصري أزمة؟. نعم فالواقع يكشف لنا أن ثمة أزمات وليس أزمة واحدة يعاني منها المثقف المصري المعاصر. ويبدو أن الوضع السياسي و التطلع الي الحرية يتربعان علي قمة الأزمات التي يعاني منها المثقف المصري
فالمثقف المصري يعاني من الشعور بالإغتراب والإحباط و الشعور بأنه مخدوع الي جانب عدم الاعتداد برأيه و إحساسه بأنه لم يلعب الدورالذي يستحقه.
و يمكن القول بأن الظروف السياسية التي يمر بها المجتمع إلي جانب بعض السمات المميزة للبناء الإجتماعي بأبعاده الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافيه قد تكون مسئولة عن ظهور تلك الأزمات.
والملاحظ أن هناك إتساقا بين نوعية الأزمات التي يعاني منها المثقف المصري وبين نوعية الظروف التي قد تدفع المثقفين بوجه عام نحو التمرد و التي برز منها علي وجه الخصوص الإرهاب السياسي و التعطش الي الحرية.
وتبرز المشكلات الاجتماعية و الاقتصادية و الخوف من الفقر باعتبارها أشكالا لنوعية الأزمات التي يعاني منها المثقف المصري ثم تتوالي نوعيات أخري من الأزمات كالتردد و عدم وضوح الرؤية أمامه وبعد فكره عن متغيرات الواقع و عدم اجادته عرض أفكاره. وتلك النوعيات من الأزمات تختلط فيها الأبعاد الذاتية بالابعاد الموضوعية البنائية بحيث يصبح من الصعب الكشف عن الدور الحاسم الذي يلعبه اي منهما في خلق أزمات المثقف المصري.
ومن الأزمات الطريفة أن هناك من يعتقد بأن الأزمة الحقيقية للمثقف المصري هي أنه ليس مثقفا!!
و هناك شعور لدي البعض بأن المثقفين المصريين بعيدون عن الله. أما المحسوبية و النفاق و الخوف فمن المؤكد إنهم من سلبيات البناءين السياسي و الاجتماعي وهما يؤديان إلي خلق بعض الأزمات للمثقف المصري.
و لأن من المفترض أن المثقف أكثر إدراكا لطبيعة متغيرات الواقع بسلبياته و ايجابياته فالبعض يري أن أزمة المثقف المصري هو وعيه بالتناقض بين ما هو خطأ و ماهو صواب في المجتمع. وهذا البعد في الواقع يدخل في التناقضات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية بالمجتمع وما يمكن أن يؤدي إليه تلك التناقضات من أزمات ينال منها المثقف المصري القسط الكبير.
و يعزو البعض الآخر أزمات المثقف المصري إلي نوعية الثقافة التي يتمثلها بعضهم فهو يشعر بالضياع لمحاولته محاكاه ثقافة المجتمع الأوروبي. وهناك تصور آخر وهذا التصور يرجع الي افتقار الأمة الي قادة الفكر. وقد يكون هذا التصور هو الأزمة بعينها ومن ثم تصبح أزمة مجتمع وليس أزمة فرد.
وأخيرا هناك من يري أن عقم التربية هو السبب الرئيسي لأزمة المثقف المصري وهذا السبب يخفي تصورا قد يثير تساؤلا :هل سوء التربية أو عقمها أمر ينفرد به المثقف المصري دون غيره من شرائح المجتمع؟ وسوء التربية هذا – إن حدث – فماهي معاييره؟ و ماهي مؤشراته ؟.
ثم إنه أمر نسبي تختلف حوله الرؤي و الإتجاهات.
وخلاصة القول إن المثقفين المصريين فشلوا في تكوين رؤية نقدية إزاء قضايا المجتمع المصري و مشكلاته وهذا راجع إلي عدة أسباب تربع علي قمتها فقدان الحرية و غياب الديموقراطية الحقيقية وظهور الإتجاهات الراديكالية.