كتب // وائل عباس
ربما يكون سقوط الجيش الحكومى الأفغانى وهروب الرئيس المدعوم من النظام الأمريكى وسيطرة مقاتلى طالبان على زمام الأمور هناك. فاجعة بكل معنى الكلمة وذهولا للبعض فكيف لهؤلاء أن يستطيعوا هزيمة قوة عظمى بحجم الولايات المتحدة الأمريكية بعد حرب دامت ما يقرب من عشرون عاما .
ولكن الحقيقة عكس ذلك ومغايرة لكل توقعات المشاهد العادى للأحداث . كل ما جرى من أحداث سالفة طيلة عقدين من الزمان ماهى إلا سيناريو أعدته المخابرات الأمريكية وكانت حركة طالبان جزء لا يتجزأ منه. بل ربما كان دورها هو دور البطولة لسيف الشيطان والذى كان لزاما على العالم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية محاربته والقضاء عليه . ليعكس للناخب الأمريكى وكل مواطنى العالم الغربي الوجه القبيح للأسلام وكيف هب قادة المعبد المقدس وفرسان الصليب بمحاربته فى عقر داره . ومن وراء الستار هم نفسهم الذين يدعمون طالبان ومقاتليها ويجندون لها المرتزقة ويلحقونهم بأراضيها لتلقى التدريبات والإعداد لإسقاط الأنظمة العربية وإثارة الفوضى فى ربوع الشرق الأوسط . حتى يصبح العالم العربي دائما وابدا تحت سيطرتهم لا يستفيق ولا تصلب له قوى . وتلعب قطر دور الوسيط والعميل المزدوج فى هذا الفيلم الهوليودى الهابط من خلال تجميع قادة الإخوان والتنظيمات الإرهابية على مستوى العالم على أراضيها وتأمين كل وسائل وسبل الأمن والراحة لهؤلاء حتى يستطيعوا إدارة المعارك في كل بقاع العالم العربي والإسلامي
وهنا يجب تسمية الأحداث بمسمياتها الحقيقية ليتسنى فهمها على طبيعتها
ما جرى في الدوحة بين أمريكا وطالبان ليست مفاوضات إنما “ترتيبات وتفاهمات“، وما يجري في أفغانستان ضوء أخضر لـ”تسليم السلطة“ والتسليح الممنهج، وليس سقوط أو غنائم كما ينشر
- الهدف الاستراتيجي من حربي أفغانستان والعراق، انتفى بعد تحقيقه وفرض أبجديات فوضى جديدة، فكل ما يقال عن هزيمة أمريكا وخذلانها لحلفائها، لا يزعجها مقابل ما حققته من أهداف.
– الفوضى والصدامات القطبية، هي أساس ما تقوم عليه أمريكا في إدارة أزمات الأقاليم التي تتدخل فيها، فتاريخيًا؛
وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، اتضح للساسة الأوروبيون أن أمريكا كانت تدعم دول المحور بالسر لإنهاك دول الحلفاء، وبعد أن خطفت الانتصار من الحلفاء ضد هتلر، فرضت على أوروبا المنهكة اتفاقية “بريتون وودز“
والحالة التاريخية الأخرى، هي ما تدعى بـ “إيران غيت – كونترا“ التي اعترف فيها الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، بأنه باع أسلحة لإيران من أجل استخدامها في حربها ضد العراق رغم قرار أمريكا حظر بيع الأسلحة على إيران المصنفة لديها آنذاك كدولة راعية للإرهاب.
التآمر والمراوغة شأن طبيعي في السياسة، وقد يكون أحد أسباب نجاح الهيمنة الأمريكية هو سياساتها الاستغلالية للشعوب والمقدرات تحت شعارات نشر الحرية والديموقراطية، ولذا فإن طالبان اليوم ليست كطالبان الأمس، فهي تتفاهم مع واشنطن وتدعم بالسلاح والمال بمنتهى السخاء بتعاون باكستاني على الأرض
- تركيا وباعتراف الرئيس أوردوغان، عضو رئيس في مشروع الفوضى الخلاقة الذي تتبناه الإدارات الديموقراطية في أمريكا، وقدمت نفسها في أزمة أفغانستان كذراع دولي بديل، واستقطبت الآلاف من الأفغان إلى أراضيها – تكرارًا لتجربتها مع الجماعات السورية – وقد تنخرط باكستان بشكل أكبر في المشروع
- الأثر السلبي المحتمل على الخليج والعالم العربي هو وجود جماعات ودول متطرفة تعيد خطف المشهد الإسلامي ومن ثم شيطنته دوليًا
– توجس وضبابية تجاه نتائج الانسحاب الأمريكي وسيطرة طالبان
– إيران ترى أن توسع تركيا وباكستان في أفغانستان موجه ضد الصين لصالح أمريكا، لكنها كدول الخليج، تخشى أن الهدف من هذه التحركات ضد نفوذها، مع إثارة القلاقل على حدودها عبر طالبان التي لم تنس أنها سقطت بمساعدة إيرانية
– أمام طالبان فرصة للمصالحة ومن ثم الانخراط في المجتمع الدولي وكسب اعتراف العالم الإسلامي، لكن عودة ظهورها بشكل متطرف سيضعها محل استهداف دائم من قوى أفغانية داخلية بمساعدة قوى شعبية ضد حكمها الجائر وممارساتها المتطرفة.
- المؤكد حتى اللحظة، أن منطقة العالم العربي يقع عليها عبء كبير لمواجهة أي تطورات أو نوايا خفية، على المستويين الإعلامي والأمني.
– في جميع المشاريع الدولية تجاه المسلمين، كانتا تركيا وإيران “وتوابعهما“ بمثابة حصاني طروادة، مراقبة هذين القطبين، يفسر كثير من الخطوات السابقة واللاحق
– على المستوى الشخصي؛ مجرد قبول طالبان استلام تركيا زمام الأمور كالمطارات والمنشآت، فإن ذلك مؤشر على وجود نوايا سيئة ضد العرب – هكذا هي المعادلة –
على الجميع الترقب وتوخى الحذر وخاصة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية وما تبقى من من الأنظمة العربية الشريفة .
حفظ الله الوطن العربي أرضا وشعبا وقيادة مخلصة