ما زالت ارتدادات القصة المؤلمة لمقتل الشابة اللبنانية لطيفة قصيررغم مرور أكثر من 11 عاما على يد طليقها جنوبي البلاد بعدما ضربها ضربا مبرحا تسيطر على عائلة السيدة المفجوعة بمصاب ابنتها.
فالقاتل كان مدمنا على تعاطي المخدرات ورغم نصائح وتحذيرات أهالي الضحية له بالتخلي عن طريق السوء ومعاملة زوجته معاملة إنسانية فإنه لم يبدل تصرفاته وبقي على عناده، حيث اعتمد العنف لغة التخاطب مع زوجته إلى أن ارتكب جريمته المروعة.
ففي 13 أبريل من عام 2010 هز خبر مقتل لطيفة قصير بلدة دير قانون النهر في قضاء صور والقرى المجاورة لتصدر بعد عامين محكمة الجنايات في محافظة جبل لبنان قرارها 2012، بالحكم على المدعو إبراهيم طالب (طليق المغدورة) بالأشغال الشاقة لمدة 18 عاما، بعدما ثبت إقدامه على وضع قطعة من القماش على فم زوجته، الأمر الذي أدى إلى وفاتها.
ومن المعروف عن القتيلة أنها كانت تعيل المنزل طوال 9 سنوات ولم يطلق الزوج لطيفة إلا بعدما نال 10 آلاف دولار لكنه لم يتحمل بعدها فكرة طلاقها منه وعاد لينتقم منها.
أما جديد الملف فحدث في 22 يونيو الماضي عندما أصدرت محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان الناظرة في قضايا تخفيض العقوبات برئاسة القاضية أميرة شحرور قرارا بقبول طلب التخفيض المقدم من المحكوم عليه وأعفت المحكمة الرجل من سُدس العقوبة، أي ما يعادل 36 شهرا من أصل 216 على أن يوضع تحت الرقابة بواسطة مساعد اجتماعي يعين لهذه الغاية.وفي معرض تبريرها للقرار، قالت القاضية قبل أيام إن جناية القاتل ليست من الجرائم غير المستثناة من منحة تخفيض العقوبة وفق قانون تنفيذ العقوبات وهو ما يحتم حسب حقوقيين، بدء المطالبة بشمول جرائم العنف ضد النساء بالجرائم المستثناة من تخفيض العقوبات.
وصباح الأربعاء غرد شقيق القتيلة الصحفي قاسم قصير على تويتر فكتب: شقيقتي ظلمت مرتين.
وقال قاسم قصير: تم إطلاق سراح المجرم وهو يحاول السفر لكننا نعمل لمنعه وبقائه تحت الرقابة. نحن كعائلة نتابع القضية من أجل إعادة فتح ملف إصدار قرار تخفيض العقوبة، لأن هذا القرار بني على معلومات غير صحيحة.
وتابع: توجهنا للقاضية أميرة شحرور التي اتخذت القرار ولمجلس القضاء الأعلى لمراجعة الحكم، لأن إطلاق سراحه يشجع على ارتكاب جرائم أخرى.
وأضاف: إبراهيم طالب من بلدة الشهابية جنوبي لبنان وهي بلدة مجاورة لبلدة أهالي الفقيدة، وأدعو كل الجمعيات الحقوقية والمعنية بالعنف ضد المرأة للعمل من أجل تعديل قانون تخفيض العقوبة كي لا يشمل عمليات قتل النساء.
وقال محامي أهل الضحية أشرف الموسوي إنه تقدم بطلب وقف تنفيذ تخفيض العقوبة إلا أنني اكتشفت عدم وجود إسقاط حق شخصي بالملف وأن هناك تكرارا في جرم تعاطي المخدرات.
وأضاف المحامي: حاولت التقدم بطلب التريث بإطلاق سراحه إلا أن المحكمة المدنية (أي الغرفة الناظرة بقضايا تخفيض العقوبات) رفضت. وفق القانون تعتبر المحكمة مكبلة إلا أنه وللظروف الإنسانية، كان بإمكانها أن تتريث بإطلاق سراحه لما يشكل ذلك من خطر.وتابع الموسوي: حاليا أعددنا له منع سفر وتقدمنا بدعوى قضائية. سنستمع له قريبا ولن نستكين حتى تنفذ العقوبة التي منح تخفيضها وعلمنا أنه بدأ يتهجم على العائلة بحجة رؤية أولاده.
من جهة أخرى قالت منسقة الخدمة القانونية في منظمة “كفى عنف واستغلال المحامية ليلى عواضة تقول إن منظمتها رفعت الصوت عاليا للمطالبة بتشديد العقوبة في جرائم قتل النساء، وإذ بمحكمة الاستئناف المدنية الناظرة بقضايا تخفيض العقوبة تصدر قرارها بتخفيض عقوبة قاتل لطيفة قصير.
وأوضحت: محكمة الجنايات في جبل لبنان حكمت عليه حينها بالسجن 18 سنة وهذه المدة لم تكن تتلاءم مع الجريمة المرتكبة أصلا.
ورأت الناشطة الحقوقية أن مرتكبي جرائم قتل النساء أصلا لا يحصلون على عقوبة مشددة ورادعة في الكثير من الأحيان هذا إضافة إلى البطء في المحاكمات. اليوم يخرج قاتل لطيفة قصير بسبب تخفيض عقوبته إلى السُدس وغدا يلحق به باقي القتلة إذا ما قبلنا بهذه السابقة.
وختمت ليلى عواضة: لا بد من اعتماد مبدأ تشديد العقوبات على جرائم قتل النساء إذا أردنا مكافحة العنف ضدهن، لا سيما العنف الأسري كما يجب استثناء جرائم العنف الأسري من أحكام قانون تخفيض العقوبة.