قرأت عن جورج سميث، عالم الآثار الآشورية، قوله: كنت فى المتحف البريطانى أترجم لوحات أثرية عليها كتابة مخروطية، وجدت لوحًا من ستة أعمدة عليه قصة سفينة استقرت على جبل اسمه نسر «أرارات فى سفر التكوين» وأن حمامة طارت فوق المياه فلما لم تجد مستقرًا عادت إلى السفينة! فقدت الوعى من شدة الانفعال لأننى اكتشفت قصة نوح عند الكلدانيين، أيضًا ذكرت ملحمة جلجامش قصة الطوفان، وكيف أن الله أمر أوبارا توتو أن يهدم بيته ويصنع منه سفينة كبيرة، ويدخل فيها كل زرع وكل مواشى الحقول، وكل عائلته، وأغلق باب السفينة، وكان الطوفان، وصار كل الجنس البشرى خارج السفينة طينًا! إلى باقى القصة المعروفة.
دفعنى ما قرأت للبحث عن أشهر ملك لبابل، خصوصًا أنى سمعت عن حدائق بابل المعلقة كإحدى عجائب الدنيا السبع، وأشهر قانون لأشهر ملك، ألا وهو حمورابى. عرفت أن اسم حمورابى ينطق بالأكدية أمورابى، لأنه من الأموريين، ومعناها المعتلى، وقيل إن معنى اسمه «خليل الرب»، وهو اسم إبراهيم، عليه السلام. جدير بالذكر أن حمورابى جاء بعد إبراهيم بثلاثمائة عام، وقيل إن هذا الاسم من أمو، أى المحبوب، ورابى بمعنى الكبير، وفى القاموس الآشورى نجد المعنى: رأس الأسرة وسيدها. هنا يجب أن أتوقف عن الكتابة معتذرًا للشعب العراقى كله عن معلومة خطأ كنت قد ذكرتها فى التليفزيون للأستاذ محمود سعد، ألا وهى أن حمورابى جاء من كلمتين: الحمار أبى، وأن الحمار كان مقدسًا عند الشاسو وأتباع سوتخ، فأرجو من هذا الشعب العراقى العظيم قبول اعتذارى.
كان حمورابى ملكًا عظيمًا حكم ٤٢ سنة ١٧٩٢ ق.م حتى ١٧٥٠ ق.م، كان عبقريًا فذًا من الناحية العسكرية بل الدبلوماسية أيضًا، كان ماهرًا فى التحالفات مع الدول المجاورة للقضاء على الدول المناوئة، كان يبنى السدود حول الدولة المعادية ويمنع عنها الماء، فإذا لم تستسلم، كان يغرقها بالماء بهدم السدود «أغرق مدينة لارسا».
ومن قوانين حمورابى قانون رقم ٤٨: إذا كان أى شخص مدينًا بالمال لأى شخص آخر، وتعرض حصاده للعواصف، فلا يعطى لدائنه أى حبوب ولا يدفع الإيجار فى ذلك العام، أما قانون ١٩٦: إذا تسبب رجل بفقء عين رجل آخر، فإن عين المتسبب تفقع. تم جمع قوانين حمورابى على لوحة ديوريت، وتم وضع هذه اللوحة فى معبد مردوخ البابلى الذى يعد الإله الوطنى للبابليين، ويرى البعض أن قوانين حمورابى من القوانين القاسية لأنها اعتمدت على الوضع الاجتماعى للمتهم والضحية، ولكن الكل يرى أن حمورابى كان رجلًا عظيمًا حول ممالك صغيرة متناحرة إلى مملكة عظيمة نتحدث عنها حتى الآن.