انتهى سباق الدراما الجزائرية الرمضانية لعام 2021 بالعديد من المفاجأت واستطاعت أعمال تناقش عددا من القضايا الاجتماعية أن تحجز مكانا مهما بين الأعمال الأكثر مشاهدة.
وبعد عام ميزه القحط في الإنتاج بسبب جائحة كورونا تمكن المنتجون الجزائريون من تقديم أكثر من 30 عملا للمشاهد، منها سبعة أعمال درامية ركزت في معظمها على حكايات العائلة والمواطن البسيط.
وفي الوقت الذي اعترض فيه مقص الرقيب أحد أضخم الأعمال سلسلة (عاشور العاشر 3) للمخرج جعفر قاسم بسبب تجاوزه للخطوط الحمراء وتناوله لمواضيع ذات طابع سياسي بطريقة هزلية تصدرت ثلاثة مسلسلات درامية المشهد سواء من خلال إحصاء نسبة المشاهدة أو مستوى الإعجاب بأداء الممثلين.
وحسب سبر الآراء الذي تقوم به كل عام شركة (إيمار) المتخصصة فإن الجمهور الجزائري وجد ضالته من المتعة والفرجة في مسلسل (يما2) و(ليام) و(بنت البلاد) التي تناولت القضايا الإجتماعية وخاصة مسألة الزواج والعلاقات الأسرية.
والأمر يتعلق أساسا بمسلسل يما في جزئه الثاني الذي أشرف عليه المخرج التونسي مديح بلعيد، وهو قصة واقعية بنسبة 90 في المئة استوقفت كاتب السيناريو.
كما يسرد كاتب السيناريو سفيان دحماني يوما ما كنت أصور عملا عن سجن تجلابين بومرداس وأثناء تجولي بين عنابر السجن، لفتت انتباهي سجينة كانت تحمل طفلا صغيرا فسألتها عما يفعله الطفل في المكان فأخبرتني أنها أمه والقانون يعطيها حق الاحتفاظ به لسنتين (مدة الرضاعة).
تلك القصة المؤلمة التي تركت أثرا في نفسية كاتب السيناريو احتضنها الجمهور بقوة وقد وجد فيها ملامح الطبقة البسيطة والشعبية التي تعاني كثيرا في المجتمع.
وقد أخذ تسلسل الأحداث في مسلسل يما منحى دراميا يسير في عدة إتجاهات فعندما تشاهد المسلسل ستجد القصور والمنازل الفاخرة وحياة الرفاهية التي كان يعيشها بطل المسلسل خالد الذي جسد دوره محمد رغيس، ودور فاضل للمثل سمير حكيم وحياة الفقر التي عاشتها الأم جسدت دورها مليكة بلباي.
وبين تلك التفاصيل تم التطرق إلى علاقة الإنسان بضميره من خلال دور رجل الأعمال عمار الذي جسده الممثل القدير سيد أحمد اقومي فحاور الحياة من خلال التركيز على تناقضاتها أحيانا لزرع الأمل وأحيانا لتقديم الدروس.
وقال دحماني أحب كتابة النصوص الأصلية لهذا لم أكتب يوما نصا مقتبسا أنا من الذين لا يحبون الاقتباس أو الإستعانة بالنصوص الأجنبية لأن أبرز الأعمال الجزائرية التي حققت نجاحا على مدار أكثر من 50 سنة كتبت بأقلام جزائرية.
من جهة ثانية أطلت الممثلة وكتابة السيناريو الشابة منال مسعودي باثنين من أبرز أعمال رمضان وهما مسلسل ليام للمخرج نسيم بومعيزة وبطولة يوسف سحيري وكنزة مرسلي ومسلسل بنت لبلاد للمخرج يوسف محساس، وبطولة مجموعة من الممثل الجدد.
و تحدثنا منال عن هذه التجربة الإستثنائية في مسارها الفني ككاتبة سيناريو بعد أن تحمست لموهبتها اثنتان من أبرز شركات الإنتاج في الجزائر وال كوم و”مؤسسة التلفلزيون العمومي.
وتفسر الكاتبة أسباب اختيارها للقصة الاجتماعية قائلة دائما ما ألجأ الى تسليط الضوء على شرائح اجتماعية متواجدة حقيقة في المجتمع الجزائري.
أما بالنسبة لـبنت لبلاد فهي تخص بيئة اجتماعية قروية مرتبطة بالعادات والتقاليد والعادات والأصول وهي أمور تستهوي المشاهد الجزائري، خاصة أنه أصبح متعطشا للتراث وأكثر ما يميز العمل طابعه التقليدي بما جعله يتوافق وعرضه خلال شهر رمضان.
ونص ليام سيناريو أصلي أما نص بنت لبلاد فهو مشروع ترجمة سلسلة تركية كما هو معروف حاليا في العالم العربي مثل مسلسل عروس اسطنبول الذي تم ترجمته إلى اللهجة اللبنانية في مسلسل عروس بيروت والذي يعد بدوره عملا مقتبسا عن سلسلة كورية.
وقد فضلت الكاتبة اقتباس الفكرة فقط وهو َما يفسر ظهور شخصيات جديدة في الحلقات الموالية لا علاقة لها بالنص الأصلي بل هي من وحي خيال الكاتبة.
ومن الأسباب التي دفعت الكاتبة للتخلي عن فكرة الاقتباس الكلي والترجمة الحرفية للسيناريو الأصلي هو إيمانها بأن المجتمع التركي مختلف عن المجتمع الجزائري بشكل كبير.
وقد ركز العمل على ترويج العادات و التقاليد الجزائرية إضافة إلى التطرق إلى العقلية الجزائرية وجمعت في قرية واحدة عدة عروش وثقافات جزائرية بحيث يجمعهم الحب والتكاتف ويقدمون صورة رائعة من التعايش ويعملون على الحفاظ عليها من الدخلاء. وبشكل عام تلخص مسعودي عناصر القصص الإجتماعية الناجحة في أربع نقاط وقالت أولا يجب أن تكون الفكرة جديدة وملفتة ثانيا يجب أن يكون المؤلف ملما وله معرفة تامة بالبيئة الاجتماعية التي يتعامل معها في كتابته وثالثا أن يكون المؤلف دارسا للعلوم التي تساعده على التواصل مع الملتقى خاصة علم النفس السيميولوجي ورابعا وهو الأهم أن تكون معالجة مثل هذه المواضيع بهدف إحداث التغيير لأن العمل غير المؤثر عمل غير ناجح.