يرى دبلوماسيون مصريون ومحللون سياسيون أن التقارب الجاري بين مصر وتركيا سينعكس إيجابياً على الأزمة الليبية، بحدوث تفاهمات بين الدولتين وتهدئة الأوضاع والمضي قدمًا في إخراج المرتزقة الأجانب.
وانتهت مساء الخميس جولة المفاوضات التي استمرت على مدار يومين بين مصر وتركيا في القاهرة في مسعى إلى تطبيع العلاقات بين البلدين.
وقال بيان مشترك إن المناقشات كانت صريحة ومعمقة حيث تطرقت إلى القضايا الثنائية فضلا عن عدد من القضايا الإقليمية لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط.
بدوره، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد حجازي إنَّ من المنتظر أن تكون الرؤية المصرية التي قُدمت بوضوح للجانب التركي مدخلا لاتخاذ أنقرة القرار الذي يتفق مع الشرعية الدولية وإعلان برلين ومقررات المجتمع الدولي وتفاهمات الأطراف الليبية وصولا إلى ديسمبر المقبل لتكوين السلطة الليبية المنتخبة وفقا للمسار السياسي والذي يستند في أهدافه على استعادة السيادة والوحدة الليبية وطرد المرتزقة والقوات الأجنبية.
ويوضح حجازي أن الجانب المصري نقل لتركيا بكل وضوح وصراحة أسس عودة العلاقات وتطبيعها ارتباطا بالمطالب المصرية العادلة والواضحة وهي عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام القانون الدولي وحسن الجوار وعدم إتاحة الفضاء التركي للقنوات الإعلامية المناهضة للدولة المصرية، واستضافة عناصر مطلوبة ومدانة في قضايا تتعلق بالتحريض على العنف وارتكاب عمليات إرهابية بخلاف التوقف عن الممارسات الضارة بالأمن القومي المصري.
ومن بين هذه الممارسات الضارة بالأمن القومي لمصر، بحسب الدبلوماسي المصري السابق ما يحدث في الجبهة الليبية وتواجد القوات التركية واستعانتها بالميليشيات الإرهابية المسلحة ونقلها لمسرح عمليات آخر، والتذرع باتفاقها مع الحكومة الليبية السابقة (الوفاق الوطني) والتي لم تتبع القواعد المرجوة لاستضافة قوات أجنبية على أراضيها الأمر الذي يستدعي إتاحة الفرصة للمشهد الليبي للاستقرار وعدم تخطي الحدود فيما يتعلق بالأمن القومي المصري.
وشدد حجازي على ضرورة سحب القوات التركية من الأراضي الليبية باعتباره السبيل لاستعادة الدولة الليبية الموحدة والسيادة عليها.
وقبل أيام دعت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش تركيا إلى سحب القوات الأجنبية والمرتزقة من بلادها، مع اقتراب إجراء انتخابات مرتقبة في وقت لاحق من هذا العام.
وحثت المنقوش، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أنقرة على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي تطالب بسحب أكثر من 20 ألف مقاتل ومرتزق أجنبي من ليبيا.ويرى مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن مباحثات القاهرة الاستكشافية تأتي لوضع لمسات لخريطة طريق تحدد مسار العلاقات الثنائية وعلى تركيا أن تتبعه لأن مصر لم تتخذ أي إجراء يتعدى على السيادة التركية طوال الفترة الماضية.
وبيّن أن تحسين العلاقات التركية مع مصر هو السبيل أمامها لاستعادة علاقتها التي كانت طيبة مع العالم العربي قبل القيام بسياسات تسعى لفرض الهيمنة مما تسبب في حدوث حالة من الاضرابات.
ولفت إلى أن تركيا قامت بمجموعة من الممارسات الضارة بالأمن القومي العربي والمناهضة لأمن واستقرار دول المنطقة ومنها التدخل السافر في سوريا بالإضافة إلى تعديها على السيادة العراقية وممارسة سياسة إقليمية تعتمد الهيمنة والسيطرة.
قائمة مطالب
من جانبه، قال المفكر السياسي المصري وعضو مجلس الشيوخ عبدالمنعم سعيد إن هناك قائمة من المطالب المصرية قدمت خلال الاجتماع الأخير تتعلق بموقف العناصر المدانة في جرائم الإرهاب والتي تقيم في تركيا بخلاف تسوية بعض الأمور المتعلقة بالأزمة الليبية والعلاقات المتبادلة بين البلدين ذات الطبيعة الاقتصادية فين حين تنظر تركيا إلى أمور تهمها تتعلق بعضويتها في منتدى شرق المتوسط الذي تعتبر نفسها جزءًا منه من الناحية الجغرافية.
وأوضح سعيد أن الاجتماع الأخير وتطور العلاقات بين القاهرة وأنقرة سيكون له انعكاس على الأزمة الليبية فكل تحسن في العلاقات المصرية التركية يكون له ارتداد إيجابي على الأزمة الليبية.
وأضاف بطبيعة الحال فالأزمة الليبية معقدة وبها الكثير من الخلافات بين الليبيين أنفسهم ولكن هناك أزمة كبرى بوجود المرتزقة على الأراضي الليبية وبعضهم لا يريد المغادرة.
وأشار إلى أننا سنكون على أبواب مزيد من التحسن في الموقف الليبية، خاصة مع تطور العلاقات بين القاهرة وطرابلس بعودة العلاقات الاقتصادية وحركة الطيران المباشر.
وأكد أنه رغم المضي قدما في تحسن العلاقات بين مصر وتركيا لكن لا تزال هناك نقاط للتسوية تتعلق بالملف الليبي خلال الشهور المقبلة.