لواء دكتور/ سمير فرج عادل شلبى لا أقصد باسم “برنيس” أجمل مواقع وموانئ مصر المطلة على البحر الأحمر، فحسب، وإنما أقصد به اسم “الفرقاطة برنيس”، من طراز (فريم بيرجاميني)، أحدث الأعضاء المنضمين لأسطول القوات البحرية المصرية، بعد “الفرقاطة الجلالة”، التي انضمت في ديسمبر من العام الماضي. تم التعاقد على الفرقاطات مع إيطاليا، وتم بناءهما بشركة (فينكانتييرى) الإيطالية وفقاً لأحدث النظم العالمية في منظومات التسليح والكفاءة القتالية. تتميز “الفرقاطة برنيس” بقدرتها على الإبحار لمسافة 6000 ميل بحري، وهو ما يمكنها من تنفيذ جميع مهامها القتالية في أوقات السلم والحرب، بالإضافة لتمتعها بالعديد من الخصائص والتقنيات الإلكترونية الحديثة، ونظم التسليح المتطورة، خاصة في مجال التصدي للطائرات المسيرة، والغواصات المعادية، كما تتمتع بمنظومات متطورة للمشاركة في الحرب الإلكترونية، كأعمال التشويش على الرادارات ووسائل الاتصال. تعتبر الفرقاطات الجديدة، إضافة تكنولوجية هائلة، لإمكانات القوات البحرية المصرية، ضمن استراتيجية الدولة لدعم قدراتها على تأمين الحدود، وخطوط الملاحة البحرية، في جميع الاتجاهات، ومنها البحر الأحمر بهدف تأمين طريق الملاحة إلى قناة السويس، التي تمثل ثلث الدخل القومي لمصر، ومصدر أساسي للنقد الأجنبي. فسلامة، واستدامة، الملاحة في قناة السويس ليس مطلباً قومياً، فحسب، وإنما غاية للعالم بأسره، وهو ما ثبت منذ أسابيع قليلة، بعد جنوح سفينة الحاويات “ايفرجيفين”، وتعطل الملاحة بقناة السويس. واليوم، يعتبر وجود الحوثيون باليمن، بدعم من إيران، أكبر تهديد للملاحة في قناة السويس، نتيجة لسيطرتهم على مضيق باب المندب، وهو ما دفع قواتنا المسلحة لإنشاء قاعدة برنيس العسكرية على البحر الأحمر، بالإضافة لإنشاء الأسطول البحري المصري الجنوبي، المعني بتأمين خطوط الملاحة في البحر الأحمر. أما على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي، فقد كان اكتشاف حقول الغاز الطبيعي المصرية، في شرق البحر الأبيض المتوسط، سبباً رئيسياً لبدء تعرض المنطقة للتحرش العسكري، وخاصة من تركيا، طمعاً في تلك المقدرات الاقتصادية. فتشاركت سبع دول لإنشاء “منتدى غاز المتوسط”، وهم مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل وإيطاليا وقبرص واليونان، واختاروا القاهرة مقراً للمنتدى، لتحقيق أكبر قدر من التعاون بينهم، في ظل وجود احتياطات كبيرة من الغاز في المنطقة، ووافقوا، مؤخراً، على طلب فرنسا للانضمام كعضو، وطلب الولايات المتحدة للانضمام كمراقب. ولحماية تلك الثروات، أنشأت مصر الأسطول البحري الشمالي، لتأمين الحدود البحرية المصرية وتأمين حقول الغاز الطبيعي. واليوم، وبينما نؤكد على جاهزية المقاتل المصري لاستخدام أحدث تكنولوجيا العصر من الأسلحة الحديثة المتطورة، فإننا نثمن على حكمة القيادة السياسية المصرية وحسن تقديرها، باتخاذ خطوات استباقية لتحقيق الأمن القومي المصري، وصد التهديدات المباشرة من مختلف الاتجاهات الاستراتيجية.