تعيش الشعوب فوق منصة ركح مسرح كبير، تعرض عليها ملايين المشاهد الدرامية لمختلف الفرق المسرحية التي يشخصها مجموعة من الممثلين متعددي التيارات الفكرية والمذهبية والأخلاقية، يحملون رؤى وغايات ومبادئ متنوعة ومتضاربة. لكن مهندس الإنارة لا يسلط الأضواء إلا على الأماكن الفارغة فوق الخشبة رغم رفع الستار وظهور الممثلين. في حين يظل الظلام الدامس يرافق الجمهور المتعطش لرؤية مشاهد المسرحيات في أبهى صورها الطبيعية برفعة وأمان، مبحلقين إلى الأعلى بأعين الشوق في انتظار ضربات المطرقة على الخشبة لانطلاق الفرجة. حينها صدم الجميع بتكسير الجدار الرابع، إذ تساءل الجمهور عن مؤلف سيناريوهات وأحداث المسرحيات. إذ اكتشفوا أن أسرار العناوين والمشاهد تتنافى والأخلاق التي هي في الأصل غاية تكتسب نتيجة الإحتكاك التربوي الأسري اليومي، منذ الطفولة حتى سن المراهقة. إذ تمثل النواة الأساس في تكوين شخصية الطفل كفاعل إيجابي أو سلبي داخل المجتمع، دون أن نستثني المدرسة وتأثيرها الفكري والبيداغوجي، والشارع وما يعج به من مفاجآت تفسد أصول التربية،إضافة إلى التكنولوجيا الحديثة ومخاطرها الجمة. عكس القانون الذي يفرض الإنضباط على الجميع بتطبيق الفصول الجنائية الردعية التي تحدد الحقوق والواجبات وما تنص عليه من عقوبات ومخالفات جزافية وإرجاع الحقوق والمستحقات لذويها. لكن يبقى الارتقاء بالأسلوب في تحديد مكامن الخلل مطلوبا من الجانب الأخلاقي والنص القانوني. إذ لا يمكن استمرارية الحياة دون إدراك المفاهيم المنطقية للعقلية البشرية وإدماج الثقة باليقين في التعامل وربطهما بالإيمان السليم والأهداف السامية كقوة محفزة للرؤية المستقبلية الثاقبة في دراسة المنهجيات الثابتة للعزيمة القوية في التقدم العلمي، والطموح الإيجابي لنيل الحرية والمبادئ السليمة والقيم النبيلة، لأنهم أساس تقويم وبناء الشعوب. هذا، لتفادي الإنحلال الخلقي للأمم التي تزخر بتاريخ حافل بالإنجازات، وعدم انغماسها في وحل الأفكار الرجعية لمدبري شؤون الشعوب من تحت المظلة في سراديب الكواليس المظلمة، تحت ضغوط الإملاءات الخارجية التي تساهم في تفكيك الأسر وتذليل الشخصية وغرس الأفكار السامة والجاهزة في عقول الشباب دون سابق إنظار.