رحبت غالبية قوى ثورة ديسمبر السودانية باتفاق المبادئ الموقع يوم الأحد في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو والمشتمل على 6 بنود أبرزها فصل الدين عن الدولة لكن مجموعات إخوانية رفضت الاتفاق.
واعتبر تجمع المهنيين السودانيين وأحزاب المؤتمر السوداني والأمة والجبهة الثورية الموقعة على اتفاق السلام السوداني في أكتوبر الماضي وقطاعات واسعة من الشعب السوداني الاتفاق خطوة نحو تحقيق السلام الشامل في البلاد في أعقاب حرب أهلية دموية استمرت أكثر من 6 عقود وراح ضحيتها أكثر من 4 ملايبن بين قتيل وجريح.
وقال عمر الدقير عضو مجلس شركاء الفترة الانتقالية ورئيس حزب المؤتمر السوداني إن الاتفاق يشكل خطوة كبيرة نحو اسكات صوت البندقية إلى الأبد وتحقيق دولة المواطنة والديمقراطية التي قامت من أجلها ثورة ديسمبر التي اطاحت بنظام عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما.
ورأى الدقير ضرورة العمل على حشد الطاقات واستكمال عملية السلام في أسرع وقت والتفرغ للبناء والإصلاح بعد الدمار الكبير الذي لحق بالبلاد خلال السنوات الماضية.
وفي ذات الإطار وصف محمد عصمت رئيس الحزب الاتحادي الموحد الاتفاق بالخطوة المهمة التي لها ما بعدها. وقال عصمت إن الاتفاق جاء تأكيدا للرؤبة التي حملها إعلان المبادئ الموقع بين الحلو ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والذي يؤسس لإقامة دولة الحريات والعدالة الاجتماعية.
كما أكدت الأمانة العامـة لحزب الامة القومي أن الإعلان يمثل خطوة إيجابية مهمة لاستكمال مطلوبات السلام ووقف الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار.وأبدت مجموعات إخوانية من بينها المؤتمر الشعبي ومنبر السودان العادل الذي يرأسه خال المعزول البشير رفضها التام للاتفاق مشيرة إلى أنه يكرس لعلمانية الدولة.
ومنذ تسلم البشير للسلطة في العام 1989 ظلت جماعة الإخوان تسعى لفرض رؤيتها بالقوة وهو ما أدى إلى اتساع رقعة الحرب الجهادية خصوصا في منطقة تواجد الحركة الشعبية شمال في جنوب كردفان والنيل الازرق والتي تغطنها مجموعة كبيرة من السكان غير المسلمين.
ويرى محللون أن تمترس الإخوان حول شعارات الإسلام السياسي زادت من حدة الانقسام ورسخت للنزعات المسلحة. وفي هذا الإطار يقول الكاتب الصحفي مأمون الباقر إن هيمنة الدولة الدينية خلال العقود الثلاثة الأخيرة تسببت في مشكلات وأزمات حقيقية وأضرت كثيرا بالاستقرار والتنمية ولم تحترم التعدد العرقي والديني الكبير في البلاد.
وأضاف الباقر أن إقرار فصل الدين عن الدولة سيجنب السودانيين ويلات الكوارث والحروب الأهلية وسيرسخ لحرية المعتقد في دولة المواطنة والمساوة.
ويتوقع الباقر أن تسهم عملية فصل الدين عن الدولة في القضاء على ظاهرة الإسلام السياسي وتبث روح جديدة من التسامح والتعايش وتشجع على بروز أنماط عصرية جديدة من التفكير.واعتبر المحلل الاستراتيجي العسكري أمين اسماعيل التحاق الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو بقطار السلام هو في حد ذاته إنجاز كبير لما تتمتع به الحركة من ثقل كبير، كما سيمهد لإلحاق حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور بالعملية السلمية.وفي الجانب الآخر يقول إسماعيل إن أي اتفاق سلام مستقبلي كامل مع الحركة الشعبية بقيادة الحلو سيتطلب ضرورة وضع ترتيبات أمنية واضحة وفاعلة نظرا لأن الحركة تمتلك قوات ضخمة وجيدة التدريب والتجهيز حيث كانت تتبع للفرقة التاسعة قبل انفصال الجنوب وبقيت في مكانها في كاودا بجنوب كردفان.
وفي ذات السياق ينبه هشام أبوريدة القيادي في الجبهة الوطنية العريضة إلى ضرورة قراءة الخطوة من خلال واقع الظروف المحيطة بها.