قديما قالوا :” إن حماية الأمة من خطر القهر علي يد قوة أجنبية هو بمثابة أمنها القومي” و هو أيضا.. أي تصرفات يسعي المجتمع عن طريقها إلي حفظ حقه في البقاء. بينما قال روبرت ماكنمارا وزير الدفاع الأمريكي السابق أنه بدون تنمية فلا محل للحديث عن أمن قومي. و الديموقراطية قد تعظم الأمن القومي، و قد تهدده، و من الممكن أيضا أن تعظيمه بشروط.
لكن مما لا شك فيه أن التحول الديموقراطي لدولة ما يعظم أمنها القومي، لأن النظام الديموقراطي يخلق نوعا من التآلف بين الحاكم و المحكوم، و يؤدي إلي إندماج شعبي حتي وإن إختلف به الديانات و المذاهب و الإتجاهات السياسية و الفكرية، فكلما أجمع أفراد المجتمع علي القضايا الاجتماعية و السياسية أصبح الوصول للهدف أسرع و أضمن و لهذا فالديموقراطية تؤدي دائما إلي الإنتصار في الحروب و ردع الأخطار الخارجية.
ولأن النظم الديموقراطية تميل إلي إنتخاب قيادات سياسية تتمتع بمهارات العمل السياسي، فالعكس صحيح لأن القادة التسلطيون إعتادوا تنفيذ السياسات من خلال الأوامر، و ليس من خلال النقاش و التفاوض و هي سمة لاتتفق مع الدبلوماسية الناجحة، كما أن وجود ضوابط داخلية علي حرية القائد السياسي في النظام الديموقراطي في التحرك الخارجي ميزة، كما أن عدم سرية النظام يتيح الفرص لوجود حوار وطني حقيقي حول مختلف القضايا الخارجية و الداخلية، و مشاركة أكبر عدد من القوي السياسية، مما يؤدي إلى توافر المعلومات و دراسة البدائل المختلفة، كما أن الديموقراطية تميل إلي حل منازعاتها سواء، داخلية أو خارجية بالطرق السلمية.
و لا يخفي علي الجميع أن تصاعد حدة الأزمات الداخلية في دولة ما، و تصاعد أعمال الإحتجاج الجماعي و العنف السياسي يجعل الدولة تقف حائرة امامه ، فإما أن تتحول للديموقراطية أو تتجه إلي المزيد من ممارسات القمع، و دائما ما تختار الإختيار الأول لأنه حتما يعظم من الأمن القومي لدولة ما . إن تنامي قوي و شرائح إجتماعية تطالب بالديموقراطية و المشاركة السياسية، و إنتهاء الحرب الباردة، و تعاظم ثورة المعلومات يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الديموقراطية تعظم من الأمن القومي للدول علي عكس ما يتخوف منه البعض.