فرجاني ساسي والمشجعة الزملكاوية سوزان محمد قنديل في صباح اليوم الأخير من فبراير توجهت السيدة سوزان قنديل إلى نادي الزمالك المصري بعدما باعت قرطها الذهبي مقابل ألف جنيه للتبرع بها إلى القلعة البيضاء التي تحتل مكانة كبيرة في قلبها لتتحول بعدها إلى حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
وفي حوار خاص أجرته السيدة المصرية مع قناة نادي الزمالك، أوضحت أنها حاولت المساهمة في حل مشاكل النادي المادية التي تحول دون تجديد التعاقد مع عدد من العناصر الرئيسية للفريق وعلى رأسهم الدولي التونسي فرجاني ساسي.
يأتي تحرك سيدة الزمالك استجابة لمبادرة أطلقها جمهور القلعة البيضاء يطالب فيها النادي بتوفير قميص اللاعب التونسي في الأسواق لشرائه ودعم الفريق ماديا لإنهاء أزمة ساسي، والأزمات المالية الأخرى للنادي.
وقالت قنديل في حديثها الإعلامي إنها تبلغ من العمر 60 عاما وتشجع الزمالك منذ الطفولة مضيفة: عندما سمعت بالمبادرة الجماهيرية لدعم الفريق ماديا، قررت بيع قرطي الذهبي لأساهم في تجديد تعاقد ساسي وبقية اللاعبين.
وكرّم نادي الزمالك السيدة المصرية ومنحها علم النادي وتذكارا خاصا بالإضافة إلى السماح لها بمقابلة لاعبي الفريق واستضافتها في القناة الخاصة بالنادي.
وتمسك ساسي بمبلغ 2.5 مليون يورو خالية من الضرائب نظير تجديد عقده مع الزمالك، لكن الأزمة المالية التي يمر بها النادي الأبيض، تحول دون موافقة الإدارة على طلبات اللاعب خاصة أن النادي يواجه شبح الحجر المادي على أرصدته خلال الفترة الأخيرة.
ويبقى السؤال الأهم هل تحتاج جماهير القلعة البيضاء لأن تساهم في زيادة عدد الملايين في قيمة عقد ساسي؟.
ولا تعتبر تلك المبادرة الجماهيرية جديدة على عالم كرة القدم إذ سبق لجمهور القلعة البيضاء المشاركة في مبادرة (ناديك يناديك) عام 2010، لدعم النادي ماديا، ودفع المستحقات المتأخرة للاعبين.
وعلى المستوى العربي دشن عدد كبير من جماهير النادي الإفريقي التونسي في نهاية 2019، حملة دعم مالي لناديهم في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي عاشها.
وعالميا ساهم جمهور بروسيا دورتموند في إنقاذ فريقه من الإفلاس عام 2005 ليساعده على العودة إلى المنافسة محليا وعالميا، في السنوات الأخيرة.
من جانبه يقول الناقد الرياضي محمد علاء إن مبادرة الجمهور لدعم نادي الزمالك فيما يخص أزمة تجديد عقد ساسي، الذي ينتهي خلال الموسم الحالي تبرز حب الجمهور الكبير للفريق واللاعب لكنها تفتقد إلى المنطق والحكمة.
وأضاف: المبادرات الجماهيرية دائما تكون لحل أزمة قوية يمر بها النادي لأن الجمهور ليس من شأنه حل مشاكل الأندية التي يشجعها لذا يتدخل الجمهور فقط في الأزمات المصيرية، مثل مواجهة أحد الأندية شبح الإفلاس أو الهبوط لكن التبرع من أجل تجديد عقد لاعب، يرفض التنازل عن أي جزء من قيمة عقده الجديد يبدو غريبا وليس منطقيا أبدا.
كما أشار علاء إلى أن الرضوخ لطلبات ساسي سيضع النادي في أزمة خلال المواسم المقبلة خاصةً مع اقتراب نهاية عقد العديد من نجوم الفريق، مثل أشرف بن شرقي وأحمد سيد زيزو.
وتابع: لذا على الإدارة فرض شروطها على اللاعب، وعدم إشراك الجمهور في ملف ساسي لأن رحيله من المفترض ألا يؤثر على استقرار الفريق.
كما اعتبر علاء أن على إدارة الزمالك أن تضع الفريق في المرتبة الأولى، ففي النهاية سيبقى الزمالك مهما رحل أي لاعب وتلك ليست شعارات فقط، لكنها الحقيقة فالنادي الأبيض استمر في تحقيق البطولات رغم اعتزال ومغادرة عدد كبير من النجوم عبر تاريخه.
وتابع: تعامل الإدارة والجمهور مع ملف تجديد ساسي على أنه أزمة كبيرة سيزيد من تمسك اللاعب بشروطه، وسيضع مسؤولي النادي تحت ضغط كبير وحتى إذا نجح الجمهور في دفع قيمة عقد ساسي، هل هذا سينهي الأزمة المالية داخل النادي ويساعد في تجديد تعاقد باقي اللاعبين؟
واعتبر الرجل أنه من الأولى الاعتماد على طرق أكثر فاعلية مثل الإعلانات لحل مثل تلك الأزمات وليس اللجوء إلى الجمهور، لأن هذا يعكس ضعف إدارة مسؤولي القلعة البيضاء لمشكلات الفريق.وأوضح علاء أن محاولة تسديد قيمة تجديد التعاقد مع ساسي عبر بيع القمصان للجمهور، غير منطقي لأن هناك شركة راعية لملابس الفريق ستحصل على نسبة كبيرة من العائد المادي من تلك المبادرة.
وفي السياق ذاته يرى علاء أنه في حالة إطلاق المبادرة، ستكون هناك مشكلة أكبر تواجه الإدارة وهي أن اللاعب نفسه قد يرفض التجديد للفريق في نهاية العام.
وقال: حينها سيكون مسؤولو الفريق في مأزق كبير حيث سيكون هناك بالفعل عائد مادي من تلك المبادرة، لكن الهدف من إطلاقها لن يتحقق وهذا بالطبع سيتسبب في غضب جمهور القلعة البيضاء.
وختم: لا يمكن أن نختلف حول وفاء جمهور نادي الزمالك لفريقه، لكن أن يساهم مشجعو الفريق في زيادة عدد الملايين في عقد لاعب، أمر مرفوض تماما فهذا دور الإدارة وليس الجماهير.
الجمهور هو من يدفع دخل اللاعبين بالفعل. هكذا استهل الخبير الاقتصادي أحمد معطي حديثه عن دعم الجمهور لدفع “مرتبات” اللاعبين، كما حدث مع ساسي.
ويقول معطي: نحتاج فقط الرجوع خطوتين إلى الوراء ورؤية المشهد بصورة أكبر، لندرك أن الجمهور هو وقود اللعبة وهو السبب الأساسي لحصول اللاعبين على تلك الملايين فأينما وُجد الجمهور وجدت الأموال هذه قد تبدو معلومة بديهية لكن يجب أن نذكر الجماهير بها دائما.
وتابع: الجمهور هو من يشاهد المباريات عبر الشاشات ومن المدرجات ويشتري منتجات الفريق ويتابع حسابات اللاعبين بشكل دائم، الجمهور هو من يعطي الشعبية للعبة كرة القدم من الأساس على حساب الألعاب الأخرى، على المستوى المحلي والعالمي، فهو العنصر الأهم في تلك المنظومة لذا من العار أن يتم الطلب منه بشكل مباشر المشاركة في دعم الفريق ماديا، لأنه شارك بالفعل.
وأضاف: ربما في بعض الأحيان تحتاج الأندية إلى تقديم دعوات غير رسمية لفئة رجال الأعمال من مشجعي الفريق لتساهم في حل أزمة بعينها لكن أن تطلب من الجمهور العادي أن يدفع المال لزيادة دخل لاعب، قد لا يصل دخل المشجع إلى 1 بالمئة منه يعد ضربا من الجنون.
جدير بالذكر أن هناك شركة واحدة هي المسؤولة عن رعاية الدوريين المصريين لكرة القدم وكرة اليد، ووفقًا للأرقام التقريبية المتداولة إعلاميا لقيمة العقدين فإن عقد رعاية دوري كرة اليد يمثل تقريبا 11 بالمئة فقط من قيمة عقد رعاية دوري كرة القدم، مما يعكس ما تفعله الجماهيرية الخاصة بالألعاب الرياضية فيما يخص الاستثمار بها فالقاعدة دائما أن من يملك الجمهور الأكبر، يمكنه تحقيق مكاسب أكثر.
وأشار معطي إلى أن توقف الأنشطة الرياضية خلال فترة كورونا كان فرصة جيدة لمعرفة الحجم الطبيعي لكافة المجالات الترفيهية، وإدراك الجمهور لذلك أمر مهم لكنها ليست ضرورية وتكسب قيمتها الحقيقية من تفاعل الجمهور معها وإصراره الدائم على وجودها لكن إذا قررت الجماهير مقاطعتها ربما تختفي من الوجود كأنها لم تكن من الأساس.