تستمر الجولة الثالثة من المسار الدستوري الليبي في مناقشاتها حول القاعدة الدستورية التي ستجرى عليها الانتخابات الليبية نهاية العام الجاري.
واستضافت الغردقة المصرية الثلاثاء اجتماعات المسار الدستوري الثالث التي تستمر ليوم الخميس بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وذلك لبحث القاعدة الدستورية التي ستجرى عليها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر الجاري برعاية من بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا والإدارة المصرية.
وأشارت مصادر للجريدة إلى أن المناقشات حاليا تتركز حول إمكانية إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور قبيل عقد الانتخابات العامة في 24 ديسمبر المقبل.
وقال الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق إن المشاركين في المحادثات أكدوا .صعوبة إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور. مضيفا أن عملية الاستفتاء تتطلب إجراءات تأخذ وقتا أكثر من المتبقي حتى الانتخابات.
وأشار إلى أنه في حال التوافق على الاستفتاء أولا ستحتاج المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى سبعة أشهر للاستعداد، ولو رفض الشعب مشروع الدستور ستطول الإجراءات لما بعد موعد عقد الانتخابات مما يعني تأجيلها إلى موعد لاحق.
ولفت بليحق إلى عدم إصدار لجنة المسار الدستوري مما يفيد تأجيل الانتخابات لإجراء الاستفتاء أولا مبينا أن المباحثات مستمرة لمدة ثلاثة أيام وستعلن بيانا ختاميا بعد انتهائها.
وسبق أن اتفق المشاركون في المسار الدستوري بالإجماع خلال الجولة الثانية على تنظيم استفتاء على مشروع الدستور المقدم من الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي بناء على القانون الصادر من مجلس النواب، بشأن اعتماد نظام الدوائر الثلاث والذي ينص على إلزامية اعتماد الدستور حال حصوله على نسبة أصوات (50%+1) من كل إقليم (فزان وبرقة وطرابلس) وإلغاء المادة السابعة من المشروع.
والهيئة التأسيسية مقرها مدينة البيضاء وأوكل إليها إعداد دستور جديد ليبيا بعد أحداث فبراير 2011 وتعرف بـ (لجنة الستين) بسبب عدد أعضائها وهي مقسمة بين أقاليم ليبيا الثلاثة بالتساوي ولا تتبع أي سلطة في البلاد.ورجحت المصادر إرجاء الاستفتاء على مشروع الدستور إلى مابعد الانتخابات بسبب “.ضيق الوقت .كما أن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس الحكومة تعهدا في (إقرارات كتابية) بالالتزام بالمواعيد المحددة لإجراء الانتخابات العامة وتسليم السلطة وفق التوقيتات الموضوعة.
ورحب الباحث السياسي الليبي عبدالله الكبير بالمسار الدستوري المنعقد في الغردقة قائلا إنه الأهم حاليا على صعيد المسارات السياسية والعسكرية الأخرى.
وشدد الكبير في حديثه على ضروروة وجود قاعدة دستورية من أجل إجراء الاستحقاق الانتخابي المقبل لكن ليس بالضرورة التوافق على الاستفتاء على مشروع الدستور.
ورغم ملاحظاته على مشروع الدستور إلا أنه رفض التعميم بالقول إن “الشعب الليبي يرفضه على المجمل ولا يمكن التعبير عن ذلك إلا من خلال الاستفتاء معقبا: لكن كل هذا الحديث بشأن تلك المسودة يجعل من الصعب إجراء الاستفتاء عليها الآن ولذا الأفضل إيجاد قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية.
وأبدى تقديره لـ(المخاوف) التي تحوم حول مسألة إقرار قاعدة دستورية وليس مشروعا دستوريا مكتملا متابعا: ربما بالفعل نعود لنفس المربع الأول من استمراء البعض بقائه في السلطة وعدم الالتزام بالمدد المحددة لكن لا سبيل آخر سوى ذلك للتخلص من الطبق السياسية المستمرة في السلطة.
واستطرد: يمكن للمجتمعين في الغردقة أن يضعوا تلك القاعدة على غرار انتخاب المؤتمر الوطني في العام 2012 أو انتخاب البرلمان في العام 2014، أو اللجوء لنفس قانون انتخاب مجلس النواب ويقوم الشعب الليبي باختيار ممثليه النيابيين الذين سيحظون بشرعية صناديق الاقتراع والتي ستخولهم أن يختاروا حكومة يكون لها شرعية حقيقية.
غياب دستور ينظم العملية السياسية
واختلف الباحث السياسي الليبي حسين الشارف مع الكبير قائلا إن المشكلة الحقيقية في ليبيا هي عدم وجود دستور ينظم العملية السياسية في ليبيا. محذرا من إنه إذا لم يتم التوصل إلى دستور موحد للبلاد ومستفتى عليه فإن أي قاعدة دستورية لن يحترمها المنتخبون كما حدث خلال السنوات الماضية ضاربا مثلا بالإعلان الدستوري الذي صدر قبل عدة سنوات.
لكن الشارف شكك في إمكانية تمرير مشروع الدستور الحالي قائلا إنه واجه رفضا من قبل هيئة قضائية وأيضا من الشعب ومجلس النواب.
ولذا رجح أن يتجه أعضاء المسار الدستوري إلى تعديل المسودة أو تشكيل لجنة جديدة لصياغة الدستور لتلافي الانتقادات التي شابته.
وتابع: الدستور أولا قبل الذهاب إلى مسارات أخرى يتفق عليها الليبيين وأي عملية أخرى ستنظم بدونه سيكون مصيرها هو الفشل كما أن السياسيين الذين سيأتون عبر صناديق الاقتراع من خلال تلك القاعدة الدستورية سيتشبثون بالسلطة ولن يحترموا المدد المحددة لهم.