كتب /ايمن بحر
اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب تنظيم أصابه الضعف لكن لا يزال خطيراً. قبل سنوات كان يظهر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كمنظمة إرهابية قوية واليوم تراجع الى حد كبير الى الوراء. لكن مازال بمقدوره حتى الآن حشد أنصار لتنفيذ إعتداءات. فأين مناطق خطورته؟ وكيف يواصل داعش تجنيد أعضاء جدد؟. تنظيم داعش كان قويا مثلا فيى2014 أما فى 2020 فيمكن الإنطلاق من أنه فقد الجزء الأكبر من شبكة إتصالاته ومصادر تمويله على مستوى العالم
لقد رجعوا الى المانيا المرأتان والإثنا عشر طفلاً الذين جلبتهم وزارة الخارجية الألمانية مؤخراً من معتقل الهول فى شمال سوريا. إنه عمل إنسانى من وجهة نظر الإدارة الذاتية الكردية لكنه كذلك عملية لصرف العبء عن قواها الأمنية. لأن فى معتقل الهول يعيش حوالى 64 الف شخص غالبيتهم من المنطقة التى إحتلها تنظيم “الدولة الإسلامية الإرهابى (داعش). وبحسب تقرير للأمم المتحدة فإن معظم السجناء هم مواطنون سوريون وعراقيون. لكن هناك ما يقرب من 9500 يأتون من أماكن أخرى، وكثير منهم من أوروبا. وكل شخص يغادر المعتقل يسهل المأمورية على السلطات الأمنية التى تضغط منذ شهور لتخفيف العبء مع الإشارة الى أن العديد من المعتقلين يواصلون الإعتقاد فى الفكر المتشدد ويمثلون على غرار الماضى تهديداً محتملاً. وإذا ما تكمن هؤلاء الأشخاص من الهروب خلال إنتفاضة، كما هو التحذير، فإنهم سيلتحقون فوراً بتنظيم داعش أو مجموعات إرهابية أخرى.
لكن إذا ما نجح إرهابيون محتملون فى الإنضمام مجدداً لتنظيم داعش فإنهم سيجدون فقط تنظيماً حافظ على ظله. فأيام مجد السنوات الماضية قد ضاع، وهو لم يعد يسطع بتلك الديناميكية لا تنظيمياً ولا رمزياً حتى لحظة تدميره فى سنوات 2017 و 2018. ومقارنة مع وضعه قبل خمس سنوات فإن تنظيم داعش قد ضعف بشكل ملموس، يقول بيتر نويمان أستاذ الدراسات الأمنية فى المعهد الملكى بلندن فى مقابلة مع دويتشه فيله. ففكرة الخلافة المعلنة فى 2014 لم تعد تمارس قوة جاذبية، كما أن داعش يخضع للمراقبة القوية فى العراق. هناك يسود ضغط هائل يصعب عليه تنظيم نفسه والوصول الى أسلحة جديدة وتجنيد أعضاء جدد. كل هذا يضعف الحركة بشكل قوى فى بلدانها الأصلية العراق وسوريا والى تقييم مشابه يتوصل أيضاً الباحث فى شئون الإرهاب جاسم محمد صاحب موقع europarabt.com. وطبقاً لتقديرات من داخل الحكومة العراقية يوجد حالياً نحو 3.500 مقاتل فى العراق وربما 4000 مقاتل فى سوريا كما يقول محمد لدويتشه فيله. فى العراق وأيضاً فى سوريا تراجع تنظيم داعش فهو لم يعد بإمكانه تنفيذ عمليات كبيرة. ويواصل داعش محاولة الحصول على أسلحة لكن معلومات من الحكومة العراقية تشير الى أن التنظيم يملك فقط أسلحة خفيفة. كما يمكن الإنطلاق من أن داعش فقد شبكة إتصالاته ومصادر تمويله على مستوى العالم فى جزئها الأكبر. وإذا ما قرر داعش القيام بعمليات فإنها تكون من نوعية محدودة. فى الغالب يتم تنفيذها من قبل مجموعات صغيرة متحركة لا تضم فى العادة أكثر من عشرة أشخاص. كما أن هذه الإعتداءات تحصل فى الغالب فى مناطق نائية خارج المدن. ويتعلق الأمر بتنفيذ عمليات سريعة مثل وضع حواجز على الطرق والإعتداء على منشآت حدودية عسكرية. وبما أن التحويلات المالية لتنظيم داعش باتت هى الأخرى تحت المراقبة المشددة، فإن إمكانياته الإقتصادية باتت هى الأخرى جد محدودة وهذا قاد الى أن عمليات تنظيم داعش تراجعت على مستوى العالم يوضح تنظيم داعش أصابه الضعف فى أوروبا لكنه ما زال قادراً على شن هجمات مثل الهجوم الذى وقع على كنيسة نوتردام فى نيس فى أكتوبر/ تشرين الأول 2020.. لكن لا يوجد هناك دافع لوقف التحذيرات من التنظيم لأنه فى أماكن أخرى مثلاً فى أوروبا ما يزال داعش ناشطاً. الا أنه غير أسلوبه، كما يقول بيتر نويمان. فهو فى الحقيقة ليس مستعداً فى الوقت الحاضر لعمليات كبيرة كما لا يمكن له على غرار ما قبل خمس سنوات أن يعول على أعضاء مكونين عسكرياً ولهم تجربة قتال ملموسة. وعوض ذلك تحصل إعتداءات صغيرة من قبل أشخاص منفردين كما حصل مؤخرا فى باريس ونيس وفيينا ودرسدن. وبهذه الطريقة يريد داعش البرهنة على أنه ما يزال حاضراً وبمقدوره توجيه الضربات. وبذلك فإنه يبحث على وجه التحديد عن دوافع جديدة للتعبئة على سبيل المثال النقاش حول الرسوم الكاريكاتورية ولا تكون هناك فى الغالب حاجة لبذل جهد خاص من أجل تجنيد أعضاء وكسب متابعين. فمن أجل كسب أنصار تكفى فيديوهات تصاحبها موسيقى مثيرة للعواطف وبها مشاهد متفرقة موحية. وهذا التجنيد عبر شبكة الإنترنت هو أسهل وأكثر فاعلية فى كثير من الأحيان من عمل الكتاتيب ذات الصلة والمجموعات المتشددة التى تحتشد حول دعاة من نفس التفكير فى بعض المساجد. وغالبًا ما يمر التطرف هنا دون أن يلاحظه أحد.
وخارج أوروبا يتواجد داعش أيضاً فى أفريقيا كما يقول جاسم محمد. داعش يعزز قدراته حاليا خاصة فى غرب وشمال أفريقيا وقبل كل شئ يستغل الفوضى القائمة فى ليبيا. بالإضافة الى التعبئة الأيديولوجية ويُعنى تنظيم الدولة بشكل أساسى بتوسيع طرق التهريب الى أفريقيا جنوب الصحراء. وتمتزج الدوافع الإجرامية والأيديولوجية فى هذه التركيبة. ويقول جاسم محمد: إن للقاعدة حالياً نفوذاً أكبر فى المنطقة. ولكن بشكل عام، يمكن إفتراض أن الأنشطة الإرهابية فى غرب أفريقيا ستزداد على الرغم من الجهود المبذوله