مدير مكتب المعلومات بالاهرام أشرف بدر يكتب
متابعة عادل شلبى
15- الحقيقة .. تقتضي أن نصارح أنفسنا بأنه كانت هناك حالة من التخبط وعدم التنسيق بين الأجهزة المعنية بالتعامل مع ملف النيل , فكم من مرة ينتقل مسئولية إدارة الملف
من وزارة إلى أخرى، ومن جهة إلى أخرى، وكنت شاهدا بحكم عملي كمندوب لجريدة “الأهرام المسائي” بوزارة الري على هذا التشتت الذى كان أحد أسبابه ما وصل إليه الأن هذا الملف الشائك والحساس !!.
فقد كان الملف مسئولية وزارة الري وبالتنسيق مع الخارجية والمخابرات العامة,وذلك خلال فترة تولي الدكتورعبدالهادى راضى ,ومن بعده د. محمود أبو زيد الوزارة،
وحتى مجيء الدكتور محمد نصر الدين علام، والذي في أواخر عهده انتقل الملف إلى وزارة التعاون الدولي، حيث “المرأة الحديدية المصرية” الوزيرة والسفيرة النشطة فايزة أبو النجا بأوامر من الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وجاء اختيار ابو النجا لمشوراها العملى الطويل فى التعامل مع مثل هذه الملفات , فقد شغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في
جنيف وكافة المنظمات الدولية في المدينة السويسرية في الفترة من 1999 حتى نهاية 2001.
كما شغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية، ومؤتمر نزع السلاح، وفي عام 1987، انضمت أبو النجا إلى فريق
الدفاع المصري برئاسة السفير نبيل العربي في لجنة هيئة تحكيم طابا في جنيف
وخلال الفترة من 1997 حتى 1999، شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية للعلاقات
الأفريقية الثنائية، حيث لعبت دوراً بارزاً في تحسين علاقات التعاون بين مصر والدول الأفريقية.
ونظراً لعلاقات العمل الممتدة مع الدكتور بطرس بطرس غالي، عندما كان وزيراً للدولة للشئون الخارجية، تم اختيار أبو النجا، بصفتها الدبلوماسية المصرية
الوحيدة للعمل معه كمستشار خاص عندما تم انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة عام 1992.
وجاء قرار نقل الملف عقب اجتماع وزراء الري لدول حوض النيل الذي عقد بشرم الشيخ
في 22 أبريل 2010, والذى فشل فى التوصل إلى حل حول نقاط الخلاف بين دول الحوض
في اتفاقية الإطار القانوني والمؤسسي للمياه بدول الحوض، وخاصة نقاط الأمن المائي والحقوق التاريخية لمصر والسودان في مياه النيل.
وقد تردد أن وزير الرى كان حادا خلال الاجتماع الماراثوني، الذي استغرق 20 ساعة متواصلة لإصراره
على ضرورة التوصل إلى حل ، وقيل أنه قام بإلقاء زجاجات المياه والعصائر التي كانت أمامه
بسبب تعنت وزراء مياه دول المنابع السبع، وإصرارهم على التوقيع المنفرد لاتفاقية عنتيبي!!
وقال لي وزير الرى صاحب الواقعة: إن الرئيس مبارك سأله عما إذا كان قد ألقى زجاجات المياه في وجوه وزراء ري دول المنابع، كما أبلغته تردد ، فنفى له الواقعة،
وقال له: إن زجاجة واحدة وقعت على الأرض وهو منفعل أثناء رده على كلمة وزير الري الكيني
الذي جاء بها الكثير من الاتهامات لمصر، بسبب استحواذها على النصيب الأكبر من حصص مياه النهر!
وبعدها أصدر مبارك تعليماته بأن ينتقل الملف لوزيرة التعاون الدولي آنذاك فايزة أبو النجا والوزير عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات.
فيما أصدرت دول منابع النيل السبع – دون الرجوع لمصر والسودان -, بيانا في ختام الاجتماع ذكرت أنها في طريقها للإعلان عن تبني إنشاء مفوضية خاصة
دون القاهرة والخرطوم، يتم الإعلان عنها خلال عام، ويكون دورها الاستفادة من الموارد المائية للنهر.
وبينما أعلنت دول المنابع السبع عن نيتها توقيع اتفاقية منفردة عن دولتي المصب، والتأكيد على أن جولة شرم الشيخ هي نهاية جولات التفاوض المشتركة
بين دول الحوض، خرجت التصريحات المصرية دبلوماسية وهادئة، وركزت على أن ما حدث في شرم الشيخ ليس “نهاية المطاف”.
ثم انتقل الملف بعد ثورة 2011 إلى وزارة الخارجية وحدها، ثم انتقل إلى الرئاسة في عهد الإخوان، ليعود إلى الخارجية والري فى ولاية المستشار عدلى منصور المؤقتة
,حتى تولى الرئيس السيسي الحكم، الذي شكل لجنة من الري والخارجية والمخابرات، علاوة على الرئاسة لإدارة الملف وتحت إشرافه الشخصي.
ولولا أن هذا الوقت ليس للتنقيب عن الأخطاء لكشفنا عن الكثير من الملاحظات والأفعال القاتلة فى تعامل المعنيين مع هذا الملف .
(…وللحديث بقية )