13- “لو اتحدت العناكب .. ستقتل الأسد”، مثل أثيوبى يدلل على حال أديس أبابا المحملة بهموم عودة الإحتجاجات العنيفة التى ضربت البلاد عدة مرات أخرها أكتوبر الماضى وقتل فيها أكثر من 440 محتجا وثائرا ضد أبييى أحمد و حكومته وقبيلته “التيجراى ” التى تقوم بعمليات قمع ونهب لقوميات وقبائل أكثر منها عددا وعدة وعلى رأسها «الأورومية»المتاخمة لسد النهضة .
لاشك أن آبيي أحمد يعيش اختبارا قاسيا لمدى قدرته كرئيس للوزراء على حشد بلاده العرقية المتصدعة التي يسكنها أكثر من 110ملايين نسمة ,وأملهم فى تنفيذ المشروع القومى “سد النهضة” الذى صنعت منه الحكومة والإعلام “المسيس” والصحافة المحلية المسيطر عليها حكوميا “عجل أبيس” ,فهو “آله يعبد”بيده مستقبل وتنمية ونهضة عشرات ملايين الفقراء والمدقعين ينامون ويصحون على حلم تحقيقها..لايهمهم ديمقراطية ,ولا حقوق مائية للغير, ولا اعتبارات سياسية,.. فقط تجمعهم “أحلام الرفاهية المزعومة “,وإن فرقتهم الـ83 قومية والـ82لغة والـ200 لهجة التى يتحدثون بها !!
ولعل كبسولة “الشجاعة المصطنعة والعنترية” لأبييى أحمد,وبعض من أفراد حكومته فى الحديث عن سد النهضة ,والتراجع والخزلان المستمرعن إبرام أى اتفاق بشأن عمليات الملء والإدارة مرجعه الأساسى ,خوفه وائتلافه الحاكم (الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا) من ضياع حلم البسطاء ,وإنقلاب شعوب الأقاليم التسعة الأخرى عليه ,خاصة وأن الدستور هناك يضمن للأقاليم حقوقا وإستقلالية وحكما ذاتيا ومسئولية جمع الضرائب واختيار اللغة الرسمية لإقليمهم وإدارة قوات أمن خاصة، وسن قوانين بشأن قضايا التعليم وإدارة الأراضى والرى ..الخ
وبالتالى فإن الأقاليم الإثيوبية التسعة(هرر، تجراي، أمهرا، أروميا، شعوب جنوب إثيوبيا، العفر، الصومال الإثيوبي، بني شنقول جومز، غامبيلا) والمستقلة دستوريا يمكن أن تقلب الطاولة على حكومة الأقلية الحالية والمتحيزة للعرقية التيجراية التى ينحدر منها أبييى أحمد .
وعلى سبيل المثال منطقة “أوروميا” ,وهي واحدة من الولايات الإثيوبية التسع التي تحظى بحكم ذاتي، – بحسب المنظمات الحقوقية -هي الأكثر تهميشا واضطهادا بشكل منهجي من قبل الحكومة الإثيوبية، رغم أنها القومية الأكبر بين القوميات العرقية في إثيوبيا؛ إذ تمثل حوالي 49.34% من عدد السكان، أى ما يقرب من 50مليون نسمة يعيش أفرادها في الأقاليم الجنوبية الإثيوبية،-جوار سد النهضة- ,و ينتمي أبناؤها إلى الإسلام السني «المذهب الشافعي”.
هذا الإقليم طبقت عليه الحكومة دون غيره خطة التطوير العمراني ,وقامت بمصادرة أراضى الأقليم لتصبح جزءا من إقليم “التيجراي”، الذي يقع شمال إثيوبيا، والتابع لحزب الأقلية الحاكمة والذى سبق وأن انتزع أراضي سكان نفس الإقليم “الأوروميا” ووزعها على كبار المستثمرين، تحت ذريعة “التنمية”!! .
ولإن شعب هذا الأقليم يعيشون على حلم تعويضهم بعد تشغيل السد وتوليد الكهرباء وتحقيق النهضة المصطنعة,التى تأخرت عامين حتى الآن ,فإن حال ضياع أو تأجيل هذا الحلم ستكون العواقب وخيمة على حكومة ابييى أحمد,وستتكررمظاهرات أكتوبر الماضى والتى استخدمت فيها الحكومة القوة المفرطة في تفريق المتظاهرين ، حتى إنها قطعت شبكة الإنترنت واستخدمت المروحيات لتفريق المظاهرات بعد أن نجح المحتجون من الأورومو في قطع الطريق المؤدي إلى سد النهضة وكادوا يسيطرون عليه!!
بل وقامت الحكومة بحملة لخلع الأطباق الفضائية اللاقطة (الستالايت) حتى لا يشاهد المواطنون القنوات العالمية ولا إذاعات المعارضة الإثيوبية التى أعلنت في 15 أكتوبر الماضي من مدينة أوسلو النرويجية، تشكيل تحالف يضم جبهة تحرير أورومو، والجبهة الوطنية لتحرير أوجادين، وحركة المتحدة لبني شنقول، وجبهة تحرير شعب صداما، وحركة تحرير شعب جامبيلا، تحت اسم «تحالف الشعب للحرية والديمقراطية»، ويهدف هذا التحالف لإسقاط النظام الحاكم في إثيوبيا، متعهدا بالنضال السلمي والسياسي والعسكري، إلى أن يتم إسقاط النظام الحالي.
إن حدة الصراع الإثني “العرقى” الذى حصد أرواح مئات الأثيوبيين وهجر الملايين منازلهم بسببه يستعر لهيبه يوما بعد يوم مع قرب اتمام الإنتخابات المؤجلة ,وتعول حكومة ابييى أحمد وقبيلته على اكتمال سد النهضة والإحتماء بالخارج الكاره لمصر والمستفيد من الوضع الراهن فى التغلب على منافس قبيلة الأرومو القوى جوهر محمد فى الانتخابات.
ولايفهم من عرضنا هذا .. إننا نبرر عمليات التسويف والخداع والتعنت “الصهيونى “التى تمارسها حكومة أثيوبيا فى التعامل مع ملف سد النهضة ,وإنما فقط نلقى الضوء على التحديات الداخلية الأثيوبية لنفهم مايجرى بشأن إشكالية “سد النكبة”.