بعد القبض على محمود عزت ، أصبحت مصر وبعد ٩٢ عاماً بلا مرشد أو مكتب إرشاد ، فقد كان عزت آخر الجناح القطبي المتبقي من التنظيم في مصر . ضربتان موجعتان ألمتا بالتنظيم في سبعة أعوام ، في الفترة من عام ٢٠١٣ سقوط التنظيم وحكم المرشد ، وحتى عام ٢٠٢٠ تاريخ القبض على القطبي محمود عزت ، القائم بعمل المرشد . بالأمس سقوط التنظيم المدعوم مالياً ومخابراتياً من دول عديدة ، طوال هذه الفترة الزمنية الطويلة من عمر التنظيم ، لنفاجئ اليوم بأول وأخطر قرار في تاريخ التنظيم ،ألاوهو نقل مكتب الإرشاد من مصر إلى بريطانيا ، ليكون السؤال لماذا بريطانيا بالذات ؟ لماذا لم تكن تركيا أو قطر أو ماليزيا مثلاً؟ بعد سقوط الخلافة العثمانية ، ظهرت حركات تحررية ضد الاستعمار الأجنبي تتبنى فكرة القومية العربية ، و التي كانت تتعارض مع سياسة ومصالح بريطانيا في المنطقة ، فتولدت فكرة إنشاء جماعة تكون نواة لنشر ما يعرف بالقومية الإسلامية لمواجهة أنصار تيار القومية العربية ، فكانت جماعة ” الإخوان المسلمين ” . كانت لبريطانيا أطماع كبيرة في منطقة الشرق الأوسط ، أطماع لا يمكن تحقيقها إلا من خلال إفشال المنطقة العربية والإسلامية وتفتيتها ، بإقحامها في معارك سياسية ، وإدخالها في دوامة الفوضى اللانهائية ، كان الهدف تعزيز مصالحها ونفوذها في المنطقة ، بإستخدام ” جماعة الإخوان المسلمين ” ، والتي نالت من الدعم المالي والإستخباراتي البريطاني ما يؤهلها للقيام بهذا الدور ، في كل مراحل تطورها من عام ١٩٢٨ و حتى تحولها إلى تنظيم دولي . بريطانيا اليوم تعتبر الإخوان سلاحاً يمكن استخدامه ولا يمكن الاستغناء عنه، و منذ الحرب العالمية الثانية و التنظيم ركن أساسي من أركان السياسة البريطانية في منطقة الشرق الأوسط ، في التصدي كبديل لأي تحديات أكثر خطورة تظهر على الساحة السياسية وتعارض مصالحها . تعرض التنظيم مؤخراً و في فترة زمنية قليلة ، لضربات موجعة أثرت على ثوابت التنظيم في نظر قواعده،و أحدثت شروخ في البنية التنظيمية للجماعة بدولة المنشأ ، وامتدت على حركة التنظيم بكافة فروعة بالأقطار العربية . كان قرار نقل مكتب الإرشادإلى بريطانيا الدولة الحاضنة للتنظيم منذ نشأته ، ليكون تحت السيطرة المباشرة لجهاز المخابرات البريطاني ، ليعاد تدوير التنظيم من جديد بما يتفق والمتغيرات على الساحة الدولية بمنطقة الشرق الأوسط ” النظام العالمي الجديد ” ، لحماية نفوذ بريطانيا في المنطقة ،إنه نتاج طبيعي للزواج الكاثوليكي بين بريطانيا وتنظيم الإخوان .