بدعوة كريمة من السفير خالد راضى، مدير المعهد الدبلوماسى، والسفيرة أمينة جاد، لإلقاء محاضرة عن القانون فى مصر القديمة، قلت : نسجت مصر قانونها من خيوط الفضيلة حتى تكسو جسم البشرية بالحق والعدل. كان القانون فى مصر القديمة مثالياً فى قواعده، عادلاً فى أحكامه، عالمياً فى مراميه، نقياً فى مبادئه، صافياً فى مواده. كان القانون يُصاغ فى دار حوريس الكبرى، عبارات واضحة.. سليمة ومختصرة، فى صيغة بلاغية وفى منتهى الإتقان.
كان القانون المصرى القديم دهشة للمؤرخين، فمصر أول من وضعت: العدل أساس الملك، وأن الملك يحيا بأعماله العادلة كما كان يقدم تمثالاً لربة العدالة ماعت، كما كان كل قاض يضع تمثالاً لربة العدالة حول عنقه، كذلك العدالة الاجتماعية بين كل أفراد الشعب، كانت المساواة بين الحاكم والمحكوم، الرجل والمرأة، الوزير والخفير، الغنى والفقير، العظيم والمتواضع، وكأن قانون مصر رضع من ربة العدالة حتى يكون هدية الله للإنسان على الأرض!
جاء سولون واعتنق الأمونية حتى يدخل المعابد، حيث بها المكتبات، وتعلم من مصر القانون، وذهب به إلى أثينا، ومنه انتقل إلى روما «موسوعة جوستنيان والألواح الاثنى عشر» ومن روما إلى فرنسا «قانون نابليون» ومن فرنسا إلى مصر! بضاعتنا وقد ردت إلينا! كانت الزوجة من حقها خلع زوجها إذا صدرت منه قسوة باليد أو اللسان، كما كانت ترث زوجها بالكامل، كما كان لها حق التصرف فى أملاكها بالبيع أو الشراء أو الهبة، كما كان لها إرادة كاملة فى قبول أو رفض زوج المستقبل، كما كان لها حق الدفاع عن حقوقها أمام المحاكم، سواء كانت مدعية أو مدعى عليها لأن نظام المحاماة لم يُعرف فى مصر إلا فى العصر الرومانى الذى بدأ ٣١ ق.م. الملك خيتى الرابع، الأسرة العاشرة، يقول لابنه ولى العهد: هدئ من روع الباكى ولا تجرد أحداً مما يملك، ولا تطرد موظفاً من عمله دون وجه حق، قرب إليك الإنسان حسب كفاءته، واحرص على أن يتم كل شىء حسب القانون.