(قانون أساسي عدد58 لسنة 2017 مؤرخ في 11 أوت 2017 متعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة )
إن الأطفال هم نواة المستقبل و أمل الأمة فبهم تعلو الدولة و يرفع شأنها و قد أقسم بهم المولى عز و جل ووصفهم بأنهم زينة الحياة الدنيا من منطلق حاجة الطفل للرعاية و الاحاطة و الاعتراف به كعنصر أساسي في المجتمع حضي باهتمام و احاطة سواء على المستوى الدولي من خلال اصدار الاتفاقات و الاعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل أو على المستوى الوطني من خلال الدساتير و التشريعات الوطنية تعتبر الدولة التونسية من أكثر الدول العربية و الافريقية تقدما و ريادة في مجال حقوق الطفل سواء من خلال الانضمام الى الاتفاقات العالمية الخاصة بالطفل و لعل اخرها انضمامها الى اتفاقية مجلس أوروبا بشأن حماية الأطفال من الاستغلال و الاعتداء الجنسي في 15 نوفمبر 2019 لتكون أول بلد ينظم الى الاتفاقية من خارج أوروبا أو من خلال توفير ترسانة قانونية حمائية للطفل تتمثل خاصة في مجلة حماية الطفل التي تم اصدارها سنة 1995 و كذلك القانون عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017 و المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة يعرف الطفل قانونا بكونه كل انسان عمره أقل من 18 سنة ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة و تطرح دراسة اليات حمايته اشكالا من حيث غموض المصطلحات و تداخلها في عديد المناسبات فالطفل الجانح و المهدد هو في الان نفسه طفل ضحية لكن المشرع التونسي في قانون القضاء على العنف ضد المرأة ضيق في مفهوم الطفل الضحية و اشترط لحمايته شرط الاقامة مع المرأة المعرضة للعنف و شرط الاصابة بضرر بدني أو معنوي أو عقلي أو نفسي أو اقتصادي رغم أن هذا التعريف يلتقي جزئيا مع التعريف الذي وضعته مجلة حماية الطفل للطفل المهدد بالفصل 20 و الذي يعتبر التهديد كل حالة صعبة تهدد صحة الطفل أو سلامته البدنية و المعنوية لكن ليس كل طفل مهدد هو ضحية عمل اجرامي كحالة فقدان السند العائلي رغم هذا التوسع في مفهوم التهديد فان اليات التدخل العلاجي تبقى مختلفة من حيث المبدأ عن اليات التدخل الوقائي لفائدة الطفل الذي لم يكن ضحية عمل اجرامي و في ظل غياب رؤية تشريعية واضحة لحماية الطفل الضحية فانه وجب تطويع مسار التدخل لحماية الطفل المهدد لفائدة الطفل الضحية ان المنهج الحمائي الذي انتهجه التشريع التونسي تدعم نسبيا من خلال قانون القضاء على العنف ضد المرأة فقد انتقل الطفل الضحية من مركز سلبي و مهمش الى الاعتراف به كصاحب حقوق تحترم و تعزز كرامته الانسانية و سلامته البدنية و النفسية و لعل أبرزها الحق في التعويض العادل و الارشاد القانوني الحق في التمتع بالاعانة العدلية الوجوبية الحق في ضمان السرية الخاصة للطفل و عدم الكشف عن معطياته الشخصية و وجوب تخصيص فضاءات خاصة للأطفال ضحايا العنف كذلك الحق في سماعه بحضور أخصائي نفساني أو اجتماعي و لمرة واحدة و الحق في عدم اجراء المكافحة مع المضنون فيه رغم أن هذا الحق تم تكريسه فقط لفائدة الطفل ضحية الجرائم الجنسية
كما أن قانون القضاء عل العنف ضد المرأة حقق تغيرات جذرية على مستوى التجريم و العقاب فمن حيث التجريم أعاد المشرع تعريف عدد من الاعتداءات الجنسية فوسع من نطاق جريمة الاغتصاب موضوع الفصل 227 من المجلة الجزائية و جريمة الفصل 227 مكرر م ج اذ لم يعد الفعل الاجرامي يقتصر على فعل المواقعة بل أصبح يشمل أيضا فعل الفاحشة سواء ضد ذكر أو انثى كما أضاف القانون جرائم جديدة على غرار سفاح القربى و هو الشخص الذي يقوم باغتصاب طفل من أقاربه و جريمة العنف المعنوي أما من حيث العقاب فقد شدد فيه المشرع سواء من خلال الترفيع في العقاب كجريمة التحرش الجنسي من عام سجن و خطية قدرها 3 الاف دينار الى عامين سجن و خطية قدرها 5 الاف دينار كما أضاف ظروف تشديد أبرزها صفة الفاعل أن يكون من أصول الضحية و حالة استضعاف الضحية المرتبطة بصغر السن أو بمرض خطير أو بالقصور الذهني التي تضعف قدرتها على التصدي للمعتدي