قال رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور: “إنّ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لديه الرغبة والإرادة في معالجة أزمات السودان، ولكنه يحتاج إلى تحرير نفسه من هيمنة قوى الحرية والتغيير وشركائها في الشق العسكري”. ووصف نور، تحالف الحرية والتغيير بأنّه “تحالف صفوي سرق الثورة، ويفتقر للرؤية الوطنية وتقنيات إدارة الحُكم” ورأى أنّ التحالف “زاد المشهد السياسي تعقيداً، وخلق تمكيناً جديداً لمنسوبيه في مؤسسات الدولة”. وقال عبد الواحد محمد نور في حوار مع (الاهرام الدولى) “إنّ مفاوضات جوبا “فاشلة بامتياز، ولن تحقق السلام والاستقرار المنشُود، وستنتهي بمُحاصصة في السُلطة لتبقى الأوضاع كما هي دون تغيير”. واعتبر مثول كوشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، انتصاراً معنوياً كبيراً للضحايا، ولكنه رأى أن القضية أكبر من تسليم كوشيب، وطالب بـ “محاكمة العقل الصفوي الذي صنع كوشيب وأمثاله”. وقلّل نور، من أية نتائج ايجابية يمكن أن تترتب عليها زيارة الوفد الرئاسي إلى نيرتتي، وقال إنّ اعتصام نيرتتي نتيجة طبيعية لعدم رغبة وجدّية الحكومة في نزع سلاح المليشيات التي ترتكب الجرائم بحق المواطنين العُزّل. وأضاف: “على الحكومة أن تكف عن الوعود الكاذبة والحلول المخادعة”.
ــــــــــــــــــــــــــــــ •كثيراً ما ترشحت أنباء عن قُرب حضورك إلى الخرطوم، آخرها، ما قُلته بنفسك في بث مباشر على فيسبوك: إنّك لولا الإجراءات الإحترازية المتعلقة بوباء كورونا، لكنت في الخرطوم الآن؟!
-نعم قلت ذلك، ولا شيء يمنعني من الحضور إلى الخرطوم.
•ولكنك لم تحضر، ولم تعلن عن حضورك، هل لديك ترتيبات سرّية مع أطراف في الحكومة تتولّى أمر زيارتك إلى السودان؟!
- كلا، ليس لدينا أية ترتيبات سرية مع أية جهة داخلية أو خارجية.
•حسناً، ما الذي حدث؟!
-ربما ربط بعضهم بين حضوري، وطرحنا لمبادرة سلام شامل في السودان، عمادها، عقد حوار (سوداني سوداني)، لا يستثني أحداً سوى النظام البائد وواجهاته، لم نتحدث قط عن مفاوضات مع الحكومة الحالية التي لا نعترف بشرعيتها؛ لأنّها تشّكّلت بمحاصصة حزبية من القوى التي اختطفت الثورة.
•وما مصير المبادرة الآن؟
-المبادرة قائمة. فقط أجّلناها بسبب جائحة كورونا والإجراءات الصحية التي صاحبتها.
•أيعني ذلك، أنّك لا تلق بالاً لمفاوضات جوبا. ما تقييمك لها؟
-تقييمي، أنّها مفاوضات فاشلة بامتياز، ولن تحقق السلام والاستقرار المنشودين، وستنتهي بمُحاصصة في السُلطة وتبقى الأوضاع كما هي، دون أي تغيير على الأرض.
•ألا ترى أن الوساطة الجنوبية بذلت ما في وسعها؟
- ليست لدينا أية مشكلة مع الوساطة، أو رفاقنا في جمهورية جنوب السودان. اتخذنا موقفاً من منبر جوبا؛ لأنه نهض على أُسس خاطئة ومُجربة، ولن يحقق السلام بالسودان.
•لماذا تبدو أحكامك قاسية؟!
-هذه هي الحقيقة. مثل هذه المنابر إذا كانت تحُقّق سلاماً، لحققته في ظل نظام البشير.
•ما رؤيتك للتفاوض، من حيث الترتيب والمكان والزمان والوساطة والأطراف والقضايا؟
-نحن لا نتحدّث عن تفاوض فيما بيننا والحكومة. هذا الأمر قد عفا عليه الزمن. بعد ثورة ديسمبر المُجيدة، تغيّر المناخ، وبات بالإمكان عقد حوار (سوداني سوداني) داخل الوطن، لمناقشة جذور الأزمة.
•وما الفرق في التفاوض داخل أو خارج السودان؟
-القضايا السودانية تهم كل السودانيّين. لذا، يجب أن يشارك الجميع في حلّها وعدم تركها لثنائية الحكومة والمعارضة. إلى متى يتم تغييب الشعب السوداني عن الإسهام في مخاطبة قضايا بلاده؟!
•هل نفهم، أنك لن تكون جزءاً من أية عملية سلام، لو لم يتم الاستجابة إلى مبادرتك؟
-رؤيتنا واضحة لا لبس فيها ولا غموض. قلت، سنطرح مبادرتنا للرأي العام والجهات المعنية، وفي حالة عدم قبولها، فإن مؤسسات الحركة هي المنوط بها اتخاذ القرار المناسب والخطوات اللازمة .
•هل ترى أنّ السلام، سيحقق الاستقرار في دارفور؟
-أي سلام تعنين؟ إذا كنت تقصدين ما يجري في جوبا، فذاك لن يُحقق سوى مناصب لموقّعيه. معظم هؤلاء، سبق أن وقّعوا اتفاقيات سلام جزئية مع النظام البائد، في نيفاشا وأبوجا والدوحة وغيرها، فهل حققوا سلاماً واستقراراً في السودان، أم انتهى بهم الأمر إلى موظفين في السُلطة؟!
•ألا ترى ضوءاً في نهاية النفق؟
-صدّقيني، ما يجري في جوبا، تكرار لتجارب السلام في عهد البشير البائد. السلام في دارفور لا ينفصل عن السلام في مناطق السودان الأخرى. لا بد من تحقيق سلام عادل وشامل في كل السودان والكف عن تجزئة القضايا.
•لننتقل إلى سؤال آخر، ما الموقع الذي يناسب عبد الواحد في حكومة الفترة الانتقالية؟
- أنا لا أبحث عن أي منصب في حكومة الفترة الإنتقالية. قلت مراراً إن حركتنا لن تشارك في أي موقع خلال هذه الفترة التي يجب أن تُقاد بشخصيات مستقلة غير حزبية. نحن نبحث عن حلول للقضايا الوطنية، ولا نسعى لمناصب في السلطة. حمل البندقية لا تعطي صاحبها الحق في المطالبة بمنصب، وإلّا تحول إلى (همباتي مناصب)، وليس مناضلاً يسعى إلى خدمة وطنه. لن نقبل بأي منصب إلّا عبر إرادة الشعب، وبانتخابات ديمقراطية حُرّة ونزيهة.
•هل تعد نفسك لرئاسة السودان عبر الانتخابات التي تعقب الفترة الإنتقالية؟
-هذا الأمر سابق لأوانه، وتحدّده حركة جيش تحرير السودان. هي التي تختار مُرّشحيها في الدوائر المختلفة. السودان الآن يحتاج لاستكمال أهداف ثورته ومخاطبة جذور الأزمة والتوصل إلى سلام شامل ومُستدام، والتوافق على حكومة مدنية بالكامل لتقود الانتقال.
•وما مصير حكومة حمدوك الحالية؟!
- استمرار الحكومة بشكلها الحالي سيُعقّد الأمور أكثر ممّا هي عليه، ولا تزال هنالك فرصة أمام الجهات التي اختطفت الثورة؛ لتصحيح خطاياها والنزول إلى أهداف الثورة ومطالبها، قبل فوات الأوان.
•كيف ينظر عبد الواحد إلى تحالف قُوى الحرية والتغيير؟
-أنظر إليه كتحالف صفوي، سرق الثورة دون أن يكون له مشروع أو رؤية وطنية أو معرفة بإدارة الحكم. كل ما فعلوه خلال هذه الفترة، أن زادوا المشهد السياسي تعقيداً وخلقوا تمكيناً جديداً لمنسوبيهم في مؤسسات الدولة.
•وهل يتفق رأيك هذا مع حكومة حمدوك؟
-للأسف، هذه حكومة محاصصة حزبية. أقل كثيراً من قامة الثورة وتطلّعات الجماهير. أنهكتها تجاذُبات وصراعات حاضنتها السياسية التي ارتهنت لإرادة العسكر.
•ألا تبدو متعجلاً في إطلاق الأحكام؟!
-كلا، هذه هي الحقيقة. ليس للحكومة رؤية واضحة لمعالجة أزمة الاقتصاد أو تحسين معاش المواطنين. وللأسف، لم تستطع توفير أبسط حاجيّات الناس من خبزٍ ودقيقٍ ووقودٍ وكهرباء. ألا يكفي فشلاً أنّ هنالك أحياء في قلب العاصمة الخرطوم، يشتري ساكنوها مياه الشرب من حمير الكارو؟!
•مع أنك أكثرت من نقد حكومة حمدوك، لكن من الرائج أن هنالك توافقاً ومُشتركات بينك وبينه؟
- التقيت الدكتور عبد الله حمدوك بشكل علني وليس سراً، وتفاكرنا في مُجمل القضايا الوطنية وكيفية تحقيق السلام بالسودان ومخاطبة جذور الأزمة. كان لقاءً مثمراً وبناءً، وتوافقنا بشكل كبير حول مُجمل القضايا. اعتقد أنّ الدكتور حمدوك لديه الرغبة والإرادة في معالجة أزمات السودان. فقط، يحتاج إلى تحرير نفسه من هيمنة قوى الحرية والتغيير وشركائها في الشق العسكري.
•ما تعليقك على اتهامات يوناميد لقواتك، بالتورّط في اعتداءات مُتكررة على مناطق في دارفور؟
- هذه الاتهامات لا أساس لها من الصِّحة، ويعوزها الدليل والمنطق. من المؤسف أنّ قيادة بعثة يوناميد ارتضت أن تكون بوقاً للنظام البائد، تفعل ما يأمرها به حتى فقدت احترامها وحياديّتها في الصراع. سبق أن شهدت المتحدثة الرسمية السابقة للبعثة، السيدة عائشة البصري، بما كان يجري داخل البعثة من فسادٍ وتضليلٍ للمجتمع الدولي وتزويرٍ للتقارير التي تدين النظام.
•هل هناك وجود لقوات حركة عبد الواحد في ليبيا؟
- قواتنا موجودة داخل السودان ولديها أراضٍ مُحرّرة يعرفها القاصي والداني. إذا كانت قواتنا موجودة في ليبيا، فأي قوات تلك التي تسيطر على جبل مرّة وغيره؟
•دار حديث مُتشعّب وملتبس حول علمانية الدولة. الحكومة وبعض الأحزاب رأت أن تترك الأمر للمؤتمر الدستوري، ما رأي عبد الواحد؟
-ما يُسمّى بالمؤتمر الدستوري، هروب إلى الأمام والتفاف على القضايا ومحاولة لطمسها وتمييعها. هذا لا يساعدنا على خلق توافق وإجماع وطني للعبور بالسودان إلى بر الأمان.
•ليتك تشرح أكثر؟
-الهوية وعلاقة الدين بالدولة، من القضايا الرئيسية في الأزمة الوطنية، ودون حسم هذه القضايا، لن يكون هنالك استقرارٌ بالسودان. الدولة الوطنية، أصلاً دولة علمانية. والسودان دولة علمانية منذ استقلاله في 1956 عدا فترتي الهوس الديني في عهدي جعفر نميري وعمر البشير.
•ربما سمعت أنّ وفداً رئاسياً زار نيرتتي، وناقش القضايا التي أفضت إلى الاعتصام ووعد بحلها، برأيك، ما التحديات والحلول لأزمات تلك المناطق؟
-التحديات التي ترتب عليها الاعتصام، هي عدم رغبة وجدّية الحكومة في نزع سلاح المليشيات التي ترتكب الجرائم بحق المواطنين العُزّل. نأمل أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها وتنزع أسلحة هذه المليشيات، وتوفّر الأمن والطمأنينة للمدنيّين في مناطق سيطرتها، وتكف عن الوعود الكاذبة والحلول المخادعة.
•ما الحل في رأيك؟
-لا حل لهذه القضية غير نزع سلاح المليشيات الحكومية، ووقف الانتهاكات بحق المدنيّين العُزّل والوفاء بالمطالب كافة، التي رفعها المعتصمون في نيرتتي.
•أخيراً، متى نراك في الخرطوم؟
- لا أستطيع تحديد موعد للعودة، ولكن سنكون قريباً في الخرطوم، ريثما يتم إعلان مبادرة الحركة للسلام الشامل بالسودان.