متابعة /أيمن بحر اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ظهر تصعيد جديد بالحرب الكلامية بين فرنسا وتركيا حول الصراع الليبى. رغم الحظر الدولى لمنع وصول السلاح لأحد طرفى النزاع الا أن تركيا ترسل السلاح والميليشيات العسكرية الى السراج وتؤجج الصراع. عام 2019 وقع السراج مذكرة إتفاق دفاع أمنى مشترك مع تركيا على الرغم من أن السراج يعمل خارج نطاق البرلمان الليبى. ذلك الإتفاق الباطل سمح لأنقرة إرسال أسلحة ومستشاريين عسكريين لمساندة عدم شرعية السراج. وقبل عامين تم مصادرة شحنة أسلحة فى ميناء الخمس البحرى مصدرها تركيا قوامها مدرعة قتالية وسيارات دفع رباعى وذلك بعد أسابيع من إحباط شحنة أسلحة تركية تحتوى على عشرون الف مدس عبر مصراته. وأرسلت تركيا فرقاطة مزودة بصواريخ ريم 66 إى 5 أرض جو متوسطة المدى. لدعم حكومة السراج . شرق المتوسط ـ إرتباك باريس فى مواجهة إستفزازات أردوغان. عرفت المواجهة بين فرنسا وتركيا تطورات دراماتيكية فى عرض البحر الأبيض المتوسط كادت أن تتحول لإحتكاك عسكرى مباشر بين البلدين العضوين فى حلف الناتو. المفارقة أن باريس بدت وكأنها معزولة فى هذه المواجهة أمام الغريم التركى. أدخلت طموحات تركيا فى شرق البحر الأبيض المتوسط (ليبيا، حقول الغاز قبالة قبرص واليونان) العلاقات الفرنسية التركية فى مسار محفوف بالمواجهات كاد أن يتحول مؤخراً إلى إحتكاك عسكرى خطير بين القوات البحرية للبلدين فى شرق المتوسط قبالة الشواطئ الليبية وبالضبط فى (العاشر من يونيو/ حزيران 2020). حادث سلط الضوء على الإنقسامات داخل حلف شمال الأطلسى الناتو الذى وقف محرجاً أمام نزاع بين إثنين من أكبر أعضائه. ووفقاً لرواية باريس فإن الإحتكاك وقع حين حاولت الفرقاطة الفرنسية كوربيه التى تعمل ضمن مهمة لحلف الناتو إيقاف سفينة شحن تحمل العلم التنزانى متجهة الى ليبيا، يشتبه فى حملها أسلحة محظورة الى هذا البلد، وفق معلومات إستخباراتية لحلف الناتو. وبمجرد محاولة كوربيه إعتراض سفينة الشحن، تقدمت البحرية التركية لمنعها من ذلك. باريس أكدت أن فرقاطتها إستُهدفت بمسح ضوئى بالرادار، وهى عملية تسبق عادة إطلاق النار فى المواجهات البحرية. السلطات الفرنسية إعتبرت التصرف التركى إستفزازا عدوانياً للغاية. أنقرة سارعت الى تكذيب الرواية الفرنسية، مؤكدةً أنها لم تستهدف فى أى وقت الفرقاطة الفرنسية. الحادث أُثير بطلب فرنسى، فى إجتماع لوزراء دفاع حلف الناتو. الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إعتبر الأمر فى البداية مجرد خلاف بين الحلفاء قبل أن يعلن فتح تحقيق لتسليط الضوء على ما حدث. نتائج التحقيق ختمت بالسرية، ولم تحظ، على ما يبدو، برضا باريس التى أعلنت إنسحابها من مهمة الناتو فى المتوسط.وبهذا الشأن كتبت صحيفة هاندسبلات الإقتصادية الألمانية فى (الأول من يوليو/ تموز 2020)، تقول: دوائر الناتو تعتبر أن تقنيات الإستطلاع الخاصة التى تملكها الفرقاطة الفرنسية قد تكون مكنتها من التعرف على هوية القطعة البحرية التى تلاحقها فى ملك عضو فى الناتو، وبالتالى كان إحتمال مواجهة عسكرية بسبب سوء الفهم ضئيل. تميزت السياسة الفرنسية تجاه ليبيا دوماً بالأحادية والإندفاع. فلطالما إعتبرت فرنسا البحر المتوسط ضمن مجالها الحيوى. الم تكن باريس من أولى العواصم الغربية التى إستقبلت بحفاوة معمر القذافى بعد رفع العقوبات الدولية عنه. بعدها كانت فرنسا على رأس حربة الدول التى دفعت بإنهيار النظام الليبى فى سياق الربيع العربى. وبنفس الإندفاع دعمت باريس فى العلن وفى الخفاء الجنرال حفتر معتقدة أنها يمكن أن تتقدم لوحدها، فى الملف الليبى، فوجدت نفسها فى المعسكر الروسى الإماراتى، لدعم الجيش الليبى الرسمى. وبهذا الصدد أوضح دومنيك موزى المستشار فى معهد منوتينى فى صحيفة ليزيكو الفرنسية (الرابع من يوليو/ تموز 2020)، أن فرنسا “تقف لوحدها فى مواجهة الأهداف التوسعية لتركيا. فهل هى شجاعة سياسية؟ أم نتيجة منطقية لسياسة خارجية فى المنطقة، بدءاً بليبيا، حيث فضلت باريس دوماً العمل بمفردها، دون إستشارة شركائها الأوروبيين. وهذا ما يضعف موقفها اليوم بشكل كبيرشبكة ARD الألمانية كتبت يوم (الثالث من يوليو/ تموز 2020 أن الحكومة الألمانية التزمت موقفاً محايداً فى النزاع رغم أن المستشارة أنغيلا ميركل وصفت الحادث فى البرلمان (بوندستاغ) بأنه خطير للغاية فيما دعا وزير الخارجية هايكو ماس بعد إجتماعه مع نظيره التركى الى حل مثل هذه المشاكل عبر الحوار. وأضاف: أعتقد أنه من المهم للغاية أن تكون العلاقات بين فرنسا وتركيا بناءة وذهب شتيفان بريندله فى صحيفة فرانكفورته روندشاو يوم (الثالث من يوليو/ تموز 2020) فى نفس الإتجاه حين كتب تسببت هزيمة حفتر فى غرب البلاد بتوتر واضح فى باريس. (..) ماكرون يخضع لضغوط داخلية، تزامناً مع الوقوع فى فخ الجبهات فى ليبيا. وعلى الرغم من أنه يرى فى نفسه ممثلاً للمصالح الأوروبية فإنه إختار فى ذلك طريقه الخاص فعلى عكس الإيطاليين مثلاً فهو حافظ على إتصالات وثيقة مع حفتر. باربارا فيزل تساءلت فى موقع دويتشه فيله الألمانى فى (الثانى من يوليو/ تموز 2020) عما إذا كان الأمر يتعلق بحدث عرضى أم بإستفزاز مقصود. وسألت فى ذلك طارق مجريسى من المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية الذى أكد أن الأمر يبدو أشبه بحادث غير مقصود أثار رد فعل فرنسى يمكن أن يكون مبالغاً فيه وإفترض وراء التصعيد الفرنسى العداء الشخصى للرئيس الفرنسى ضد الحكومة التركية، واصفاً موقف باريس بـ السلوك غير الناضج