التقي مجموعة من الخبراء والمهتمون بالتنمية الزراعية من مصر والعديد من الدول العربية ما بين باحثين وأكاديميين ومستثمرين ورجال اعمال وفنيين، وذلك خلال فاعليات الملتقي العلمي لشركة مصر تونس لاستصلاح الأراضي والتنمية الزراعية (ش. م. م.) برئاسة الدكتورة شكرية المراكشي، وذلك عبر منصة زووم الالكترونية. وفي اطار اهتمام الملتقى العلمي بإلقاء الضوء على الموضوعات الهامة والتى تشغل بال الكثير من المهتمين والمشتغلين بالتنمية الزراعية وخاصة فى مشروعات الاستصلاح الزراعي لا سيما المشروعات التى توجه للزراعة العضوية والتوسع فى زراعات النباتات الطبية والعطرية. كان اللقاء الخامس من الملتقي العلمي بمحاضرتين تحدث في المحاضرة الأولى الدكتور محمد فاروق عطية استاذ مساعد المقاومة الحيوية لأمراض النبات والزراعة العضوية بالمعمل المركزي للزراعة العضوية بمركز البحوث الزراعية من خلال محاضرة بعنوان “الزراعة العضوية وعلاقتها بالتنمية المستدامة”، حيث تناول العديد من المحاور الهامة بدءا من مقدمة تعريفية بالزراعة العضوية بوصفها الزراعة التي تهتم بجميع النظم الزراعية التى تشجع انتاج الأغذية بوسائل سليمة بيئيا واجتماعيا واقتصادياً بهدف تقليل المدخلات الخارجية مع مراعاة المباديء المتعارف عليها دولياً والتى تطبق ضمن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المحلية. مشيرا الى ان الزراعة العضوية يتم تطبيقها في اكثر من 186 دولة حول العالم حيث تبلغ المساحات المنزرعة عضويا حوالى 71.5 مليون هكتار على مستوي العالم. ثم تناول سيادته الغطاء القانوني للزراعة العضوية للتأكد من سلامة الغذاء ومن اهمها قانون السوق الأوربية EC834/07 لعام 2007، وفي مصر صدر قانون الزراعة العضوية رقم 12 لسنة 2020 لينظم عملية انتاج وتداول المنتجات العضوية الغذائية، ثم تناول المحاضر بالشرح خصائص الزراعة العضوية مقارنة بالتقليدية، مع الاشارة الى فترة التحول “من بداية استخدام النظام العضوى حتي اعتماد المنتج عضوياً. موضحاً أن أقل فترة تحول لمزرعة سنة واحدة واقصي فترة تحول خمس سنوات على حسب مدي استخدام المبيدات ومتبقياتها فى التربة والنبات. ويتم تحديدها من قبل مركز التفتيش واصدار الشهادات على حسب حالة المزرعة وتحاليل التربة. ثم تناول الدكتور محمد فاروق أهداف الزراعة العضوية وعلاقتها بالتنمية المستدامة والمعايير القياسية التى تحكم الزراعة العضوية وعلاقتها بالتنمية المستدامة، مبيناً أهم مكاتب التفتيش والاعتماد الاوربية التى تعمل في مصر، ثم تناول فاروق بعض المحاذير الواجب تجنبها عند التوجه لإنتاج الزراعة العضوية والعقوبات التى تفرض على المزارع لمخالفتها قوانين الزراعة العضوية والتى قد تصل الى الطرد أو الحذف من النظام العضوي. ثم أوضح سيادته أهم انواع المحاصيل التى تنتج عضويا فى مصر وأهم التطبيقات الفعالة الناجحة فى الزراعة العضوية وتأثيراتها على التنمية الزراعية المستدامة الي غير ذلك من المحاور الهامة ذات الصلة بموضوع المحاضرة. وكانت المحاضرة الثانية للدكتور صبري صلاح الدين مدرس النباتات الطبية والعطرية بكلية الزراعة والموارد الطبيعية جامعة أسوان، تحت بعنوان “القيمة المضافة للنباتات الطبية والعطرية الجديدة على الزراعات المصرية” تناول خلالها عدة محاور منها دراسة لإنتاج النباتات الطبية والعطرية في مصر بين الواقع وما يجب أن يكون، مشيراً الى احصائيات هامة من خلال ارقام وبيانات ذات دلالات على هذا الواقع. موضحاً ان هناك العديد من المنتجات المصرية من النباتات الطبية والعطرية تتمتع بسمعة عالمية متميزة ومن اهمها الكمون المصري سواء كمنتج زيت مستخلص أو ثمار، وايضا الياسمين المصري والبردقوش المصري كما تعتبر مصر من الدول الرئيسية في تصدير البابونج والبردقوش والشمر والريحان الى اسواق كثيرة ومنها أمريكا وألمانيا وفرنسا وايطاليا. كما يتميز البردقوش بقبول كبير فى السوق اليابانية وكذلك النعناع الذى يتم تصديره الى انجلترا وفرنسا والنمسا وألمانيا، والكراوية التى تحتل موقعها متميزا فى أسواق تونس وأمريكا وفرنسا، إضافة الى العديد من المحاصيل التى تغزو أسواق كثيرة أخرى مثل اندونيسيا والسعودية وانجلترا وايطاليا وغيرها مثل محاصيل الشمر والبابونج والكزبرة والريحان. مشيرا الى انه بلغ حجم التجارة العالمية من النباتات الطبية والعطرية العام الماضي أكثر من 60 مليار دولار تمثل الصادرات المصرية منها حوالى 100 مليون دولار ، وتقدر المساحات المنزرعة من النباتات الطبية والعطرية فى مصر نحو مائة الف فدان فقط تتركز أغلبها فى محافظات المنيا وبني سويف وأسيوط والفيوم. وأن نصيب مصر من التجارة العالمية للنباتات الطبية والعطرية حوالى 0.4% . كما تناول الدكتور صبري الاستخدامات غير الدوائية للنباتات الطبية والعطرية ومنها مستحضرات التجميل وتصنيع المبيدات الحشرية والفطرية والنيماتودية وغيرها. وايضا استخدامها كمسكبات طعم ورائحة مثل الفانيليا والسابوناريا والنعناع، اضافة الى استخداماتها في صناعة العطور تلك الصناعات التى تعتمد عليها اقتصاديا بعض البلدان الاوربية مثل فرنسا وبلغاريا وغيرها. كما ان بعض هذه الانواع تعتبر مصدرا لإنتاج الزيوت الثابتة مثل زيت الجوجوبا والخروع والسمسم والجرجير وحبة البركة. كما تناول صلاح الدين بالشرح طرق الحصول على الزيوت الثابتة والطيارة والنقاط الواجب مراعاتها فى هذه العمليات، مسترشداً سيادته بصور من أرض الواقع لمشروعات زراعية قائمة بالفعل فى مصر تهتم بالتوسع في زراعة النباتات الطبية والعطرية. ثم تناول أهم المشكلات فى قطاع النباتات الطبية والعطرية في الصعيد ومن اهمها الموروث الثقافي وارتباطه بالمحاصيل التقليدية على حساب المحاصيل الاكثر قيمة اقتصادية، وايضا الاسراف فى المبيدات بما لا يتماشي مع متطلبات التصدير للسوق العالمي، اضافة الى تفتت الحيازات الذى يعتبر عائقاً امام توحيد الانتاج وتنظيم التسويق. اضافة الى المشكلات الى تواجه هذا القطاع في مرحلة ما بعد الحصاد، ثم عرض صلاح الدين بعض الحلول لتطوير قطاع النباتات الطبية والعطرية على المدي القريب ومنها تشجيع تكوين تجمعات من صغار المزارعين والعمل على توفير أماكن مجهزة للتعبئة والتغليف وتشجيع إنشاء المصانع القائمة على مبدأ التصنيع الزراعى والقيمة المضافة. واهتم سيادته فى اللقاء بالتركيز على القيمة المضافة كمبدأ هام وضرورى لتقدم وتميز أى دولة زراعياً حيث يصل العائد من إضافة قيمة لبعض المحاصيل الى عدة أضعاف العائد مقارنة ببيعه كمادة خام هذا الى جانب توفير العديد من فرص العمل وتقليل الفاقد والذي يصل فى مصر الى 35% أحياناً. كما تضمنت المحاضرة العديد من المحاور الأخرى التى توضح أثر القيمة المضافة على العائد من النباتات الطبية والعطرية. هذا وقد أعقب المحاضرتين عديد من المداخلات الهامة للكثير من الحضور والمشاركين بالندوة والتى استمرت على مدار أربع ساعات متواصلة كانت كلها مداخلات قيمة وبناءة وتلتقي حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعظيم الدور المصري فى الزراعة العضوية وانتاج النباتات الطبية والعطرية، كما نتجت عن الملتقي الكثير من التوصيات الهامة والتى أدلى بها بعض السيدات والسادة المشاركين، حيث كان اقتراح الدكتور عارف محمد بشلي بإطلاق مبادرات لتخصيص كل عام للتصدي لمشكلة معينة من المشكلات التى تواجه مجتمعاتنا مثل عام الري وفيه تقوم كل وزارة بدورها بتنفيذ أقصي ما عندها من خطط موجهة الي هذا الموضوع فمثلا وزارة الصناعة تهتم بتنفيذ حلول لإعادة تدوير المياه ووزارة التنمية المحلية توجه جهودها لتنقية المياه ووزارة المالية لتقديم القروض التى تخدم هذه الاهداف ووزارة الزراعة لتقديم الدعم الفني والتقني للمزارعين للتحول الى الأنظمة الحديثة للرى الي غير ذلك من الوزارات المعنية مما ينتج عنه تكامل بين كل المؤسسات والهيئات لتحقيق الهدف على غرار مبادرات دولة الإمارات العربية مثل عام التسامح وعام الابتكار وغيرها. كما تقدمت الدكتورة أسماء السيد بعدة توصيات هامة ومنها الاهتمام بالزراعات التعاقديه لتشجيع المزارعين للزراعات العضويه، والاهتمام بنشر ثقافه الزراعات العضويه لدى المزارعين وتوفير الدعم الفنى اللازم للوصول الى منتج مثالى جيد سواء للاستهلاك المحلى أو التصدير، ودعم النشاط التصديري للنباتات الطبية والعطرية على أن يوجه لتصدير المنتجات المصنعة وليست المواد الخام لما لذلك من عظيم الأثر نتيجة القيمة المضافة للمنتج. كما أوصي الأستاذ هيثم فرج بدعم المشروعات الاستثمارية التى تهدف لتوفير الميكنة والمعدات اللازمة لتصنيع منتجات النباتات الطبية والعطرية لمساعدة المنتجين على تحقيق القيمة المضافة للمنتجات. ومن مقر إقامته بأسبانيا أوصي المهندس مصطفي النجارى عضو المجلس التصديري للحاصلات الزراعية بتنفيذ نموذج عملى يساعد فى تعظيم الاستفادة من النباتات الطبية والعطرية والزراعة العضوية فى مصر مقترحاً سيادته أن تتم دعوة احد المستثمرين بتقديم مساحه من الارض لعمل pilot project بدون مقابل لفتره سنه و ان تكون مساحه بحدود 10 فدان و يحق له نسبه مئويه من الانتاج ، على ان يقوم مستثمر اخر بتحمل تكلفه الزراعهً لصنف أو أكثر من النباتات الطبيه غير التقليدية عالية القيمة الاقتصادية مقابل نسبه من الانتاج ، وأن يتم الاتفاق مع احد مصدري النباتات الطبية والعطرية لشراء المحصول فى إطار الزراعة التعاقدية، مع تشكيل فريق من الخبراء والباحثين لتقديم الدعم الفنى للمشروع، وأعرب سيادته عن تمنياته بأن يتم تنفيذ هذه التجربه للاستفاده من هذا الملتقي العلمي و المحاضرات معرباً عن كامل استعداده للمشاركة وتقديم كل ما يستطيع لإنجاح هذه الفكرة. وأوصت الدكتور ألفت عرفة بضروة التوسع فى زراعات النباتات الطبية مع تعزيزها بمشروعات المناحل لإنتاج عسل النحل من التغذية على النباتات الطبية لتقليل اضافة المحاليل المغذية الاضافية الى النحل مثل المحاليل السكرية مما يؤدي الى رفع قيمة المنتج اضافة الى ارتفاع معدلات التلقيح التى من شأنها زيادة انتاجية الحاصلات من النباتات الطبية والعطرية. ومن الأردن كانت توصيات السيد المهندس مجدي ابوحجير استشاري الزراعات العضوية والبيئة، حيث أوصي سيادته باعتماد “جمعية تعاونية” او “غرفة تجارة زراعية” تتولي الاشراف على توزيع “النمط الزراعي” للاعشاب العطرية والطبية وعلى مستوى الدولة، وتتولي تسويقها عالميا بغرض استخدامها في مجال تصنيع الادوية والزيوت من مستخلصات الاعشاب العطرية والطبية، وأيضا تعزيز وتشجيع زراعة الأنواع غير التقليدية، وذلك من خلال الندوات والمنشورات واللقاءات الارشادية مع كبار المزارعين واصحاب الحيازات الزراعية الكبيرة وتدريبهم على انتاجها وبيان سهولة الانتاج واهمية المردود الاقتصادي والقيمة المضافة لها، مع ضرورة التوسع في عمل دورات متخصصة للتعلم والتدرب على الانتاج السليم للاعشاب يحضرها المزارعين والمهندسين الخريجين الجدد والباحثين عن فرصة للعمل والاستثمار، مع تقديم المنح او القروض الميسرة اللازمة لمن يحتاج مستلزمات وتقنيات لإنجاح المشروع مثل البذور الموثقة والاسمدة والمبيدات اللازمة ومستلزمات استخلاص المواد الفعالة المناسبة لكل صنف حسب متطلباته وبما يتناسب مع المواصفات العالمية التي تفرضها الدول المتقدمة التي تطلب هذه المنتجات. كما أوصي الأستاذ الدكتور أحمد نور الدين بضرورة تمويل مشروعات المخصبات العضويه من أحد البنوك المصرية المهتمة بالمشروعات الزراعية بفائدة منخفضة لتشجيع تصنيع وتسويق النباتات الطبيه والعطريه، وأيضا التقدم بمقترحات قوانين تسمح بدعم عمليات تصنيع النباتات الطبيه والعطريه مثل الدول المتقدمه، وتطوير بنوك الجينات التى تهتم بحفظ السلالات من النباتات الطبية والعطريه، وأيضاً ضرورة تشجيع القطاع الخاص بإنشاء معاهد للتدريب والتأهيل علي زراعة وانتاج وتصنيع النباتات الطبيه والعطرية ومستخلصاتها. كما أوصي الدكتور احمد محمد عياط مدرس النباتات الطبية والعطرية بكلية الزراعة جامعة بني سويف بعدة توصيات ومنها أنشاء جمعيات تسويقية لخدمة المنتجين ومساعدتهم في تسويق منتجاتهم بأسعار مناسبة، توفير قاعدة بيانات دقيقة وسليمة عن مساحات الانتاج على المستوي القومي، وتوفير التمويل اللازم من أجل تطوير اساليب الانتاج من الجمع والتخزين والفرز والتعبئة من خلال جهات متعددة. كما أكد الدكتورعبد العليم سعد سليمان بقسم وقاية النبات بكلية الزراعة جامعة سوهاج على ضرورة زيادة الوعي لدي المزارعين بالنسبة للزراعة العضوية وتشجيع زراعة النباتات الطبية والعطرية من خلال الندوات والمنشورات واللقاءات الارشادية وغير ذلك، وطالب سيادته بضرورة عمل خريطة علي مستوي الجمهورية بزراعة انسب النباتات الطبية والعطرية لكل منطقة، مع الاهتمام بزيادة وعي المزارعين في كيفية التسويق، وعلى المستويين الأكاديمى والتطبيقي أكد على أهمية عمل مفتاح تقسيمي لأهم الآفات الحشرية والحيوانية التي تسبب أضرار اقتصادية للنباتات الطبية والعطرية وتنفيذ برامج استراتيجية متكاملة لمكافحة هذه الآفات. كما طالب الدكتور محمد قوطة الخبير المالى الدولى لدي البنوك الاوربية والكندية بضرورة التوسع فى الاستخدامات الطبية للأعشاب الطبية والعطرية وأن تنتهج الصيدليات المصرية نهج العديد من الدول فى إتاحة هذه الانواع من الاعشاب كبدائل امنة بديلا للعديد من الأدوية الكيميائية وأن يكون هذا بأسوب علمي يسمح بتعظيم الاستفادة من هذه الثروات التى حبا الله تعالى بها مصرنا الحبيبة. كما اشتملت المداخلات العديد من التوصيات الهامة الأخرى. هذا وتحرص شركة مصر تونس على إتاحة تسجيل كامل لحلقات الملتقي العلمي ينشر في صفحتها على الفيسبوك وقناتها الخاصة على اليوتيوب ليتمكن المهتمون من الإطلاع على جميع الحلقات لتعظيم الاستفادة من هذه الملتقيات العلمية والعملية المثمرة. على ان يتجدد اللقاء مع الملتقي العلمي لشركة مصر تونس لاستصلاح الاراضي والتنمية الزراعية يوم الخميس إن شاء الله تعالى.