بسبب الخوف من تفشي وباء كورونا ألغت السعودية آداء فريضة الحج لهذا العام 1441 هجرية
كما ألغي أيضاً هذا العام حج ملايين المغاربة الي وطنهم سنوياً في موسم الصيف بعد غلق الحدود البرية والبحرية والجوية مع اسبانيا وأوروبا منذ شهر مارس حتي اشعار آخر في حال فتح الحدود منتصف شهر يوليو فإن ذلك يعني عدم جدوي السفر براً وجواً لإسبوعين فقط ربما لحضور عيد الأضحي وسط الأهل والأقارب رغم إلغاء الحج نفسه فهل يتم إلغاء أضحية العيد الكبير
تواجد المغاربة الكبير في أوروبا سابق زمنياً للوجود المصري لأسباب تاريخية وجغرافية وقد كان ممكنا تغيير الترتيب بإحلال المصريين بدلاً من المغاربة لولا رفض الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في حينها لطلب دول أوروبا منه بإرسال عمالة مصرية اليها لتعميرها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية
وهو ما أثر بالسلب علي واقعنا الحالي في أوروبا والغرب عموماً وقد جاء المغاربة ( تونس والجزائر والمغرب ) مع الأتراك عمالة وافدة بناء علي طلب أوروبي لتعميرها بعد الحرب العالمية بأعداد كبيرة تزايدت كثيراً حتي وصلت أعدادها للملايين في اسبانيا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وبدرجة أقل في البلاد الأخري كما تم أيضاح ذلك في مقال سابق ( المهاجر بين عالمين ) وقد تجمعوا في برامج التجمع العائلي للَم الشمل وأيضا من هجرة القوارب غير الشرعية
وأقاموا أسواقهم وأنديتهم ومساجدهم وتجارتهم وزيهم المميز بالجلباب المغربي
علي مبدأ أهل مكة أدري بشعابها أري من الحكمة أنهم أولي بدراسة أوضاعهم الاجتماعية بأوروبا ومنها ارتفاع معدلات الطلاق المبكر والجريمة وتأهيل كبار السن دينيا وسياسيا واجتماعيا وربط أجيالهم الجديدة بجذورهم الوطنية
ويوجد قصص نجاح كثيرة للمغاربة منها وصولهم لمناصب وزارية في فرنسا (رشيدة داتي ) ورئاسة البرلمان الهولندي ( خديجة عريب ) ومحافظ روتردام احمد ابو طالب ونجحوا أيضًا في أمريكا وكندا كما نجحوا في عدة مجالات من المبدعين والكفاءات من أصحاب الأعمال والرياضيين الذين نجحوا لا سيما في كرة القدم ( بن عطية المغربي وكريم بن زيمة الجزائري مع زين الدين زيدان وسامي خضيرة تونسي الأصل ) ومثلوا دوليا بلاد المهجر والوطن الأم الذي يعبرون البحر المتوسط كل عام صيفا بحرا برا وجوا بالملايين في رحلة الحج للوطن بالعودة الي الجذور في الجهة الأخري للمتوسط الذي يزداد اتساعا علي الآلاف من مهاجرين القوارب الأفارقة العابرين يومياً من الجنوب الي الحلم الأوروبي في بلاد الشمال
أما المصريين فقد لحقوا بالمغاربة في غرب أوروبا نهاية السبعينيات وكانت الأحوال أسهل كثيرا من الآن من حيث الأقامة والسكن والعمل وحدث الزواج المختلط بين المصري الباحث عنهم مع السيدات المغاربيات في زواج عمل وحدث أحيانا زواج مصلحة وقصص للفشل وايضا للنجاح تمثلت في أسر مستقرة مثل قصة فيلم همام في أمستردام وهي قصة واقعية مع بعض الأضافات للحبكة الدرامية وحتي الجيل الثاني من الأبناء منقسمين ثقافيا وإجتماعيا ما بين الأب والأم وبلد الإقامة في المهجر
ولأمانة سرد وعرض الأمر فأنه قد حدث أستغلال مادي ومعنوي للمصريين من بعضهم ومن غيرهم وهو ما أدي الي مآسي كثيرة بعد أضطرار المصري للخروج الكبير من بلده لأول مرة للبحث عن رزقه في قارات العالم الجديد سواء بدول الجوار والخليج شرقا أو شمالا في أوروبا وأمريكا غربا
وللتعريف أن الشعوب المغاربية محبة وعاشقة لمصر تاريخيا وثقافيا سيداتها ورجالها لديهم سوء تفاهم سياسي بدءا بمحاولة أنقلاب الصخيرات للجنرال أوفقير في المغرب قبل نصف قرن علي خطي الزعيم عبد الناصر وكان الفنان عبد الحليم حافظ في المغرب حينها
وملف الصحراء المغربية ونهاية بمعاهدة معسكر داوود ( كامب ديفيد ) مع أسرائيل أيام السادات ثم قضية الصحراء المغربية مع جارتها الجزائر وجبهة البوليساريو وقد ورثوا هذا لأبنائهم وهو مايفسر التعصب المزمن بالرياضة بين مصر وشمال أفريقيا منذ نهاية السبعينيات ومباراة مصر وليبيا الشهيرة عام ١٩٧٨ زاد من تأجيج مشاعرهم ضد مصر قنوات الفتنة الاخوانية والجزيرة القطرية والاكاذيب لتخريب العلاقات العربية وربما من يقدر علي تصحيح هذا الوضع الغريب حاليا هو اللاعب محمد أبو تريكة المحبوب من الجميع هناك ( المقيم حالياً في قطر منذ عام 2014) وسابقا كانت القومية العربية والزعيم جمال عبد الناصر وأم كلثوم مع جيل العظماء عبد الحليم وسي عبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان مع وردة الجزائرية
ذلك أن الفن والثقافة المصرية شكلت وجدان المواطن العربي لعقود قبل أن تترك الريادة للآخرين الصغار ولأنهم محبين للفن والغناء بالفطرة وخصوصا التراثية منها فلا تكاد تخلوا الدار المغاربية من وجود آلة موسيقية شعبية
لقد كان هناك تعايش مغاربي في مصر بتواجدهم للدراسة في الأزهر في رواق المغاربة وقصبة رضوان بالغورية أو جنوداً في جيش جوهر الصقلي مؤسس الجامع الأزهر ومدينة القاهرة الفاطمية
وأيضا في طريقهم للحج الي الحجاز والتجارة وزواجهم من السيدات المصريات والسفر بهن الي المغرب في بيت المصرية في الديار المغربية العتيقة في القصبة بما يعني أن آلاف وربما ملايين المغاربة حالياً تجري في عروقهم دماء جداتهم وأمهاتهم مصريات الأصل كما أن مصر ساعدت العرب في افريقيا علي التحرر والاستقلال عن الاستعمار الغربي وأرسلت المدرسين العرب والأزهريبن بعد الاستقلال للمساعدة في تعريب الثقافة والدواوين في الجزائر
كما اننا حاربنا معاً في حرب اكتوبر 1973 لإسترداد كرامة العرب المهدرة في هزيمة 1967
وقد أستقرت عائلات مغاربية كثيرة في مصر منها الوزاني وبرادة والعلمي والمغربي وأولياء الله الصالحين ومنهم سيدي أبراهيم بمدينة دسوق والسيد البدوي بطنطا والمرسي أبو العباس وأبوالحسن الشاذلي وأبو حصيرة ألخ. وحديثا كان لجوء قائد ثورة الريف المناضل عبد الكريم الخطابي بعد أستقلال المغرب حتي دفن في ارض مصر وأيضا شاعر العامية المصرية الشهير بيرم التونسي كما يوجد حالياً في المغرب آلاف المصريين المقيمين مع الاستثمارات الكبيرة في التجارة والسياحة من رجال الأعمال واشهرهم كامل أبو علي كما توجد مشاريع ضخمة أيضاً لشركة المقاولون العرب المصرية في المغرب الشقيق
وهنا نعود الي عنوان المقال ونتسائل عن مستقبل أبناء هذا الزواج المختلط من الناحية الثقافية والأجتماعية ولعدم وجود أحصائية دقيقة عن أعدادهم التي تقدر بالآلاف في اطار البحث عن الهوية والتشكيك في الأنتماء لدي مزدوجي الجنسية ونحن نتحدث هنا عن ثلاثية الجنسية ولكنها مخففة نسبياً لأصولها العربية والإسلامية
وبعد كارثة كورونا الصحية والاقتصادية وبعدما أغرق الأغريق اليونان أوروبا في دوامة الديون المالية والكساد الأقتصادي وتزايد طابور العاطلين عن العمل بالملايين بعد وباء كورونا وصعود اليمين للحكم علي ضفتي المتوسط شماله وجنوبه ربما تجبر الظروف الحالية البعض من المصريين بالعودة مع عائلاتهم الي مصر للأستقرار فيها فهل يمكن استيعابهم مع العائدين من دول الخليج بفعل تأزم العلاقات مع دول عربية معروفة بكثافة العمالة المصرية فيها مع تراجع الاقتصاد وقلة موارد قناة السويس والسياحة بفعل الانكماش الاقتصادي العالمي بعد وباء كورونا