ثلاث صور مختلفة الملامح و التفاصيل لمساحة لا تتعد الخمسين مترمربع. تروي جميعهم قصص لفكر عشوائي و قرارات لم تصل إلى حد المسئولية بعد. فالصورة الأولي لبناء غير مكتمل تحكي تفاصيل تصميمه بأنه( برج الساعة) الذي قرر احد المسئولين السابقين لمدينة المحلة الكبري ببنائه كإضافة جمالية للمدينة بعد ثورة ٢٥يناير ٢٠١١، و الذي ظل هيكلا إلي أن تكفل بتكملة بنائه و تشطيبه رجل أعمال و صاحب مجموعة معمارية في ٢٠١٨ . وتم إفتتاحه في ربيع ٢٠١٩.
الصورة الثانية حدثت ليله أمس وهي إزالة ما تم بناؤه و التخطيط له منذ سنوات، و إهدار مال عام جديد من أموال دافعي الضرائب و مقابل الخدمات. تم هدم (برج الساعة) بقرار مفاجئ و متفق عليه بين محاسب /محمد صلاح عبد الوهاب رئيس حي ثان و اللواء /حاتم زين العابدين رئيس مجلس مدينة المحلة الكبرى و بالتنسيق مع الشرطة بحجة تسببه في إعاقة حركة المرور!!.
الصورة الثالثة تم إلتقاطها عصر اليوم لنفس المكان الذي شهد بناء وإزالة (برج الساعة) بعد أن تم التخلص من آثار جريمة إهدار المال العام!!. لم يمر هذا المشهد الغريب مرور الكرام علي أهالي المحلة. بل تنوعت ردود الأفعال فهناك من لم يبال و هناك من ثرثر بكلمات تحمل روح الدعابة و معني السخرية. و أيما كان الأمر، فتلك المشاهد تتكرر و كأنها مشهد سينمائي واحد يعاد تكراره عشرات المرات بأمر من مخرج الفيلم. و العجيب ان المواطن أو مشاهد تلك الأحداث مازال يحتفظ في أرشيف ذاكرته بمشاهد سابقة مماثلة تجسد جميعها قصص ممله لإهدار المال العام. مثل نفقي (إسو- الجمهورية) اللذان يربطان بين منطقتي الجمهورية و ميدان الشون. وذاك الجدار العازل الذي قسم المدينة الي جزئين شرقي وغربي. بالإضافة إلي ٣ كباري علوية خارج الخدمة!!.
إعتاد اهل المحلة علي مرور تلك المشاهد دون محاسبة المسئول أو مجرد لوم. في ظل غياب دور الرقابة البرلمانية و تأجيل انتخابات المجالس الشعبية المحلية فالسؤال الذي يطرح نفسه أمام الرأي العام المحلاوي :ماهي الفلسفة التي تبرر الموافقة علي البناء و رصد ميزانية له؟ و في نفس الوقت ماهي الدوافع المنطقية التي من أجلها كان قرار الإزالة ما دام البناء كان في الماضي لتجميل الميدان و إضافة عبقرية لمدينة إنطفئت فيها شموع الأمل كي تستعيد مجدها ورونقها و حسها الأثري؟ ومن هو العبقري أو الداهية الذي أقنع رئيس مجلسها و رئيس، حيها الثاني بفكرة الهدم.؟ ومن أجل ماذا؟ و سوف تستمر تلك المشاهد المؤسفة التي تدل علي عدم وجود رؤية سليمة شاملة تناسب عراقة مدينة المحلة الكبرى في أجندات من جاءوا ليتولوا المسئولية. وهذا إن دل فإنما يدل علي أن العشوائية هي القرار المسيطر علي مقاليد الأمور في غياب الرقابة و المحاسبة. من سيحاكم العشوائية؟!. هذا هو المشهد الذي نتمني رؤيته قريبا.