بقلم: نجوى نصر الدين لا يمكن الحديث عن نهوض أي مجتمع دون التوقف عند التعليم، هذا القطاع الحيوي الذي يشكّل حجر الأساس في بناء الدولة، ونشر الوعي، ومحاربة الجهل، وتحقيق التنمية المستدامة. فالتعليم لا يصنع الأفراد فحسب، بل يصنع الأوطان، ويرسم ملامح الهوية الثقافية والعلمية، ويوجه البوصلة نحو مستقبل أفضل. ومع ذلك، ورغم كل هذه الأهمية، يشهد قطاع التعليم اليوم تراجعًا مقلقًا، يُضاف إلى قائمة القطاعات التي تعاني من أزمات متراكمة وانهيارات متتالية. فبدل أن يكون منارة للمستقبل، أصبح عبئًا على الحاضر، يُدار بسياسات قصيرة النظر، ويُستغل بطريقة تفرغ مضمونه من أهدافه النبيلة. نحن أمام واقع مؤلم يتجلى في تدهور جودة التعليم، وتزايد مظاهر الاستغلال داخل المؤسسات التربوية، وغياب الرؤية الواضحة للإصلاح. أما الأطفال، فباتوا في كثير من الأحيان ضحايا لغياب التخطيط التربوي السليم، وضحية لتجارب تربوية مستوردة لا تتناسب مع بيئتنا العربية وثقافتنا المجتمعية. لقد تحوّل التعليم في بعض جوانبه إلى وسيلة لغسل العقول، وترسيخ مفاهيم مشوّهة لا تعكس الواقع، وتُبعد الأجيال الصاعدة عن فهم صحيح لتاريخهم، وحاضرهم، وتحديات مستقبلهم. في المقابل، لا بد أن نستحضر دائمًا أن التعليم هو حجر الزاوية لأي نهضة. كما قال المناضل الأمريكي مالكوم إكس: “التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له اليوم.” لقد أثبت التاريخ، في كل زمان ومكان، أن بداية صعود الأمم تبدأ بثورة في التعليم، وأن سقوط الحضارات يبدأ حين يهترئ هذا القطاع ويتآكل من الداخل. لهذا، فإن أمنياتي اليوم – كما أمنيات كل من يؤمن بقدرة التعليم على التغيير – أن نشهد طفرة حقيقية في هذا المجال: طفرة قائمة على الجودة، والانتماء، والعدالة التربوية، والابتكار، وأن نضع رؤية استراتيجية واضحة تُمكّن أجيالنا من مواكبة التطور العالمي، دون أن يفقدوا هويتهم، أو ينفصلوا عن واقعهم علنا و بذلك نلحق بركب التقدّم والازدهار، ونمنح أبناءنا فرصة مستقبل يليق بهم. تحياتي، نجوى نصر الدين