متابعة / محمد مختار الخميس 18 سبتمبر 2025 شهدت المملكة المتحدة زيارة وُصفت بـ التاريخية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي حظي باستقبال ملكي رسمي من جانب العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث وتأتي هذه الزيارة كحدث بارز، إذ يُنظر إليها باعتبارها استثناءً لترامب عن القواعد غير المكتوبة التي درجت عليها الأعراف الدبلوماسية البريطانية لا تهجير وإثبات ملكية تفاصيل مقترح توني بلير المدعوم من أمريكا لإنهاء وقد اختيرت قلعة ويندسور، التي تُعد مقرًا ملكيًا عريقًا يعود تاريخها إلى ما يقرب من ألف عام، لتكون المحطة الأهم في برنامج الزيارة. القلعة معروفة بتصاميمها الداخلية المذهبة وأبراجها الشامخة ومقتنياتها الفنية الفريدة.وتقول صحيفة ذا ميرور البريطانية، إن الزيارة أثارت بعض التوترات في بدايتها، بعدما وصل ترامب وزوجته متأخرين عن الموعد المحدد. فقد كان من المقرر أن يلتقيا عند الظهيرة تمامًا الأمير ويليام والأميرة كيت ميدلتون، غير أن المروحية الرئاسية الأمريكية “مارين وان” لم تحط إلا بعد نحو عشر دقائق من الموعد، وهو ما جعل ولي العهد وزوجته في حالة انتظار.رغم هذا التأخير، استُقبل الرئيس والسيدة الأولى بحفاوة، حيث اصطحبهما ويليام وكيت في جولة قصيرة، قبل أن يلتقيا الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا أمام قصر فيكتوريا.وقد أشار مراقبون إلى أن العائلة المالكة تُفضّل الالتزام الصارم بالمواعيد والبروتوكول بينما سبق أن أوضح الملك تشارلز نفسه أنه لا يرحب بالانتظار.ومن بين فقرات الزيارة، خُصص وقت للاطلاع على مقتنيات من المجموعة الملكية تتصل بتاريخ العلاقات مع الولايات المتحدة، كما زار ترامب وزوجته كنيسة سانت جورج مثوى الملكة الراحلة إليزابيث الثانية التي كانت قد استقبلته في أول زيارة دولة عام 2019، حيث وضع إكليلًا من الزهور على قبرها.لكن الجدل لم يقتصر على مسألة التأخير، فقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة من مراسم الاستقبال العسكري، ظهر فيها ترامب وهو يسير بخطوات متقدمة على الملك تشارلز أثناء تفقد صفوف الجنود البريطانيين، متحدثًا إلى أحد الضباط بينما بدا الملك متأخرًا خلفه.هذه اللقطة، التي وُصفت بأنها “غير مألوفة” في سياق البروتوكول الملكي، أثارت تعليقات واسعة، خصوصًا وأنها عكست – في نظر بعض المراقبين انطباعًا بوجود نوع من الإحراج للعاهل البريطاني وبحسب ما نقلته شبكة CNN، فإن الرئيس ترامب أبدى إعجابه الكبير بالمكان، واعتبر الدعوة لزيارة ويندسور “شرفًا عظيمًا”، في تعبير خرج عن نبرته المعتادة.يشار إلى أن الاستقبال الملكي لا يُخصص، وفق الأعراف البريطانية، سوى لرؤساء الدول، وهو ما يجعله إحدى أبرز أدوات الدبلوماسية في لندن. كما أن منح ترامب هذه الزيارة الثانية سابقة لم تُسجَّل في تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ولا حتى مع أي زعيم عالمي آخر.ومن جانبها أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن هذا الاستثناء يتماشى مع العلاقة الخاصة التي يُبديها ترامب تجاه العائلة المالكة البريطانية.وفي تصريحات أدلى بها عقب وصوله إلى لندن يوم الثلاثاء، قال ترامب إنه يشعر بالسعادة لعودته إلى بريطانيا، واصفًا إياها بأنها “مكان مميز للغاية”. وعندما طُرح عليه سؤال حول رسالته للملك تشارلز، ردّ قائلًا إن الملك “صديق قديم ويحظى باحترام كبير”.وتضمن البرنامج الرسمي للزيارة موكبًا تقليديًا بعربة تجرها الخيول ترافقها وحدات من سلاح الفرسان، وذلك في محيط قلعة ويندسور، إلى جانب استعراض جوي لفريق السهام الحمراء التابع لسلاح الجو الملكي البريطاني، كما شمل عرضًا عسكريًا يُعرف باسم الانسحاب المفاجئ في إطار مراسم ترمز إلى أعلى درجات التكريم العسكري.وبسبب أعمال التجديد الجارية في قصر باكنجهام، تقرر نقل جميع مراسم الزيارات الرسمية إلى قلعة ويندسور حتى عام 2027ومن الناحية اللوجستية والأمنية اصطحب ترامب مروحياته الرئاسية المعروفة باسم مارين وان والتي يتم نقلها على متن طائرات شحن تابعة لسلاح الجو الأمريكي، وعادةً ما يُنشر سرب يتألف من خمس مروحيات خلال تنقلات الرئيس، بحيث يستقل إحداها بينما تعمل المروحيات الأخرى كإجراءات تمويه لأغراض أمنية.وفي الجانب الأمني، أعلنت السلطات البريطانية أنها بصدد تنفيذ أكبر عملية وقائية منذ مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث عام 2023، وتشمل هذه الإجراءات نشر طائرات مُسيّرة، ونقاط قنص، وقوات شرطة مُجهزة بالكامل، إلى جانب فرق قوارب على امتداد نهر التايمز، بهدف ضمان أعلى مستويات التأمين خلال زيارة ترامب وجاءت زيارة الرئيس الأمريكي في الوقت الذي شهدت فيه العاصمة البريطانية لندن، مظاهرات حاشدة احتجاجًا على زيارته، حيث بدأ المتظاهرون بالتجمع في شارع بورتلاند بليس، قرب مقر هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، قبل أن تنطلق مسيرة جماهيرية باتجاه ساحة البرلمان حيث من المقرر إقامة مهرجان خطابي وفقا لوكالة نوفوستي.وتأتي هذه التحركات بدعوة من تحالف أوقفوا ترامب (Stop Trump) الذي تعهد مسبقًا بتنظيم أكبر احتجاج منذ سنوات متجاوزًا في حجمه وتعدد شعاراته حتى الاحتجاجات اليمينية السابقة.ورفع المتظاهرون لافتات كُتبت عليها عبارات مناهضة لترامب، منها، “أطيحوا بترامب لا للعنصرية أوقفوا قنابل ترامب النووية في إشارة إلى تقارير عن نية الولايات المتحدة نشر أسلحة نووية في الأراضي البريطانية لنوقف الإبادة في غزةفيما حمل المتظاهرون رسوم كاريكاتورية ساخرة تصور ترامب كطفل غاضب، وتذكيرات بصلاته المثيرة للجدل بالممول جيفري إبستين، المتهم سابقا باستغلال قاصرين جنسيا بينما رافقت المسيرة فرق موسيقية تعزف على الطبول، ما أضفى طابعا احتفاليا على الحراك الاحتجاجي.