تتبنى صناعة الجهل و المعاناة و التراجع في القيم. في كل مجتمع، تُصنع “أصنامه” على مهل: .مفاهيم يُضفى عليها طابع القداسة .شخصيات تُرفع إلى مرتبة العصمة .عادات تُمارَس دون سؤال .موروثات يُمنَع المساس بها كأنها من المُطلقات .أصنام ليست من حجر، بل من أفكار أفكار تتغلغل في الوعي المجتمعي، حتى تصبح حصونًا ضد كل محاولة للتغيير. عبارة “أصنام المجتمع محنة أمام التغيير” تحمل بُعدًا نقديًا وفلسفيًا عميقًا، ويمكن تحليلها من عدة زوايا. إذ يشير معنى “أصنام المجتمع” إلى الأفكار أو القيم أو الشخصيات أو العادات التي تُقدَّس في المجتمع دون مساءلة أو نقد، حتى وإن كانت متخلفة أو عائقًا للتقدم. “الأصنام” قد تكون: .تقاليد اجتماعية بالية .مفاهيم دينية أو ثقافية مغلوطة .شخصيات تاريخية تُقدَّس بلا موضوعية .أنظمة سياسية أو اقتصادية فاسدة حيث تعتبر هذه “الأصنام” محنة أمام التغيير ، لذا تشكل عقبة مؤلمة أو عذابًا يواجهه أي من يسعى إلى إحداث تغيير حقيقي في المجتمع. لأن التغيير يعني مواجهة هذه المقدسات، وهو ما يُقابل غالبًا بالرفض أو العداء أو الإقصاء. في رسالة ضمنية تسلط العبارة الضوء على التضحية والمعاناة التي يتحملها دعاة التغيير، لأنهم لا يصطدمون فقط بالواقع، بل بموروثات راسخة ومتجذرة يُنظر إليها على أنها “حقائق مطلقة”. بالتالي، التغيير لا يكون فقط عبر الإقناع أو العمل، بل عبر تفكيك هذه الأصنام أولًا. لأن “تقديس الموروثات هو المقصلة التي تنتظر كل من يحاول تغييرها.” وحين يظهر صوت جديد، يسأل، يُشكّك، أو يحاول أن يُعيد ترتيب الأشياء… ينهال عليه المجتمع ذاته، لا دفاعًا عن الحقيقة، بل دفاعًا عن الأصنام. فيصبح التغيير محنة، والمصلحُ متهمًا، لا لأنه مخطئ، بل لأنه “تجرأ”. “في حين ما يعبده المجتمع من أفكار بالية، هو ما يجلد به ظهر المصلحين.” نعم، أصنام المجتمع محنة حقيقية تواجه التغيير، ولكنها أيضًا التحدي الأكبر الذي يصنع المصلحين الحقيقيين. فكل من أراد إصلاحًا لا بد أن يمر “بجحيم الأصنام” قبل أن يرى نور التغيير. إن أصنام المجتمع لا تنهار بالصراخ.بل بالوعي، والمساءلة، والصبر الطويل.والمصلح الحقيقي ليس من يثور فقط،بل من يدرك أن تفكيك الأصنام أصعب من تحطيمها. أصبحنا نُصدّق من يملك المتابعين، لا من يملك الفكرة. نُقلّد من يلمع، لا من يفكّر.نخشى أن نخرج عن السرب، لأن “السرب” صار مرجعنا الأخلاقي. نرفض التفكير النقدي لأنه يُزعج المقدسات الجديدة: “التريند”، “الرأي العام”، و”ما يعتقده الأغلبية”. وهكذا…يتحول المجتمع إلى مشهد مسرحي، الكل فيه يمثل أدوارًا مكررة،لكن قليلون فقط يحاولون إعادة كتابة النص. إن أخطر ما في أصنام العصر أنها تتزيّن بلباس الحداثة،فتبدو جذابة، لامعة، و”مواكبة”. لكنها في العمق… سجنا للوعي. لذلك، مقاومة أصنام اليوم لا تعني فقط كسر التقاليد،بل أحيانًا كسر الحداثة الزائفة،التي تُلبِس العبودية قناع الحرية.