. يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم يتخلَّ عن عقليته التجارية وهو يدير السياسة الدولية، فالرجل يتعامل مع الدول – وخاصة في منطقتنا العربية – بمنطق المقاول، لا بمنطق رجل الدولة ، هو لا يرى إلا لغة المال والأرض والصفقات، ويعتبر أن القوة العسكرية الأمريكية هي عصا غليظة يلوّح بها كلما أراد ابتزاز حلفائه أو خصومه على السواء.
في غزة والضفة الغربية، تبنّى ترامب الرواية الإسرائيلية بالكامل، وأعلن “صفقة القرن” التي لم تكن سوى وثيقة تصفية للقضية الفلسطينية، منح فيها الأرض المحتلة للمحتل، وألغى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ، فلم يكن الأمر دبلوماسية ولا وساطة، بل فرضًا جبريًا، تمامًا كما يفرض زعيم عصابة شروطه على ضحاياه.
في سوريا، مارس ترامب دور السمسار العلني، حين أعلن بوقاحة أن وجود قواته هناك مرتبط بـ”النفط السوري”، وقالها صراحة: “نحن هناك من أجل النفط”، وكأن الدول والشعوب مجرد سلعة معروضة للبيع في أسواقه الخاصة ، هذه ليست سياسة، بل بلطجة دولية موثقة بالصوت والصورة.
أما في قواعده العسكرية المنتشرة في دول عربية، فلم يكتفِ ترامب بفرض وجود الجنود، بل طالب بتملك الأرض التي تقوم عليها هذه القواعد! هذا ليس تحالفًا، ولا شراكة، بل احتلال صريح مغلف بورق سميك من الابتزاز السياسي. الاحتلال لم يعد فقط بالدبابات والطائرات، بل بالمال والصفقات وفرض الهيمنة على قرار الدول.
البلطجة التي يمارسها ترامب هي الوجه الآخر للإرهاب السياسي؛ فالإرهاب لا يكون فقط بالقنابل والانتحاريين، بل حين تُستخدم القوة العظمى في ابتزاز الشعوب، ونهب ثرواتها، وتكميم أفواه قادتها ، فما يقوم به ترامب تجاه المنطقة هو إرهاب منظم، مدروس، ومغطى بعنوان براّق اسمه “المصالح الأمريكية”.
لذلك نقول للرئيس ترامب : • لسنا سلعة في أسواقك. • لسنا رهائن في يد قوتك العسكرية. • أرضنا ليست للبيع ولا الإيجار. • وكرامتنا ليست بندًا في مزادك السياسي.
إن كانت الولايات المتحدة ترى في منطق البلطجة وسيلة لإدارة علاقتها مع العرب، فعليها أن تدرك أن الشعوب لا تُشترى ولا تُباع، وأن التاريخ لا يرحم. قد تستطيع أن تفرض هيمنتك لبعض الوقت، لكنك لن تستطيع أن تطمس حقيقة أنك تمارس أبشع صور الاستعمار الحديث، بلطجة بغطاء سياسي، وإرهابًا باسم الديمقراطية .