كتبت نجوى نصر الدين الموارد والإدارة إن امتلاك الموارد لا يعني بالضرورة النجاح، بل الإدارة الحكيمة لها الدور الأكبر هل تعلمون أن هولندا، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز حجمه مساحة محافظة صغيرة، يمتلك حوالي 2 مليون بقرة فقط؟ ولكن، هل تصدقون أن هولندا هي من تطعم العالم؟! فمن صادرات الحليب والأجبان فقط، تجني هولندا حوالي 14 مليار دولار سنوياً. على الجانب الآخر، لدينا السودان، بلد شاسع بمراعي تساوي أربعة أضعاف مساحة هولندا، ويملك 8 ملايين بقرة. لكن paradoxically، أهل السودان يعانون من الفقر، ويستوردون الحليب والأجبان من هولندا بقيمة تقارب 100 مليون دولار سنوياً! كيف يحدث هذا؟! كيف لدولة تملك الموارد أن تبقى فقيرة؟ وكيف لبلد صغير أن يصبح قوة اقتصادية؟ الإجابة تكمن في فن الإدارة، وليس فقط في حجم الموارد. الموارد هي الإمكانيات التي نمتلكها — كالأراضي، والمواشي، والعمالة، والمعادن. لكن الإدارة هي كيفية استغلال هذه الإمكانيات بأفضل شكل ممكن. لو كانت الموارد وحدها تكفي للنجاح، لكانت كل الدول الغنية بالموارد الطبيعية من أغنى دول العالم. لكن الواقع يقول إن كثيراً من هذه الدول تعاني من الفقر، لأن الموارد أُهملت أو أُديرت بشكل خاطئ. ومن الأمثلة العالمية المؤكدة لهذا الكلام سنغافورة: بلد صغير جداً، لا يملك ثروات طبيعية، لا نفط ولا أراضٍ زراعية كبيرة. لكن بإدارة ذكية، تخطيط مدروس، واستثمار في التعليم والبنية التحتية، أصبح مركزاً اقتصادياً عالمياً. اليابان: فقيرة بالموارد الطبيعية، لكنها عملاقة في الصناعة والتكنولوجيا بسبب الإدارة والابتكار. فنزويلا: غنية بالنفط، لكنها تعاني اقتصادياً بسبب سوء الإدارة والفساد. فما هي عناصر الإدارة التي تصنع الفارق؟ إذا أردنا أن نُحسن إدارة مواردنا، يجب التركيز على: الرؤية الواضحة: يجب أن يكون لدينا هدف محدد نعمل من أجله. التخطيط العملي: كيف سنستغل مواردنا؟ كيف نجعلها مستدامة؟ الابتكار: لا نكتفي بما لدينا، بل نبحث عن تطويره وتحسينه. الجودة: منتجاتنا يجب أن تكون بمستوى عالمي لننافس في السوق. التسويق والتصدير: كيف نصل لأسواق جديدة ونحقق عوائد أكبر؟ في حالة هولندا، يتم تطوير البقرة وراثياً لزيادة إنتاج الحليب، وهذا ابتكار وإدارة علمية ليست متوفرة في كثير من البلدان التي تمتلك مواشي كثيرة ولكن بدون إدارة حديثة. وخلاصة القول إن الموارد هي البذور، والإدارة هي الزراعة والري والاهتمام الذي يجعل البذور تنمو وتثمر. من يملك الموارد قد يربح يوماً، ولكن من يملك الإدارة الذكية يربح كل يوم. دعونا نفكر: كيف ندير مواردنا بشكل أفضل؟ كيف نستفيد من ما نملك بدلاً من انتظار المعجزات؟ وأخيراً، أترككم مع قول حكيم: “الإدارة هى فن تحويل الممكن إلى واقع، والموارد مجرد أدوات في يد من يعرف كيف يستخدمها.” تحياتي نجوى نصر الدين