الإستثمار في الخوف و الهيمنة اغتيال للفكر والذاكرة
ليس بأزمة مرحلية و لا انتقالية بل هو استثمار بنيوي بتفويض رسمي وتفويت مباشر في انحراف سافر عن الموازين الإنسانية. غايته غسيل الأدمغة و التحكم في العقول، لأن العقول الحرة التي لم تتجانس و العبودية، تحدث الضجيج أينما حلت وارتحلت. إنها ثمة هزيمة داخلية في الفكر العربي تجعل من آليات الغرب الإستعمارية، المرجعية الوحيدة ومصدر المعرفة الأوحد. لأن من مصلحة الغرب الرئيسة هو زرع الخوف بين المسؤولين العرب من غرض الهيمنة السياسية والاستراتيجية و الإقتصادية، و نهب خيرات بلدانهم، كما تسعى بوقاحة إلى العمل على نشر الأوبئة والأمراض المستعصية في أوساط الشعوب العربية حتى تبيع لها الأدوية الفتاكة بأثمان باهضة، كما تعمل على تفقيرها حتى تبيع لها الغذاء، و تشعل فتيل التناحر فيما بينها حتى تبيع لها أسلحة الدمار، وتريدها متشرذمة حتى تضمن لنفسها الإستقواء والإستمرارية والبقاء. لكن،رغم أن العقل السليم لا يقبل الإستدراج، استطاع الغرب أن يوهم الجميع في أكبر خدعة اصطلاحية، بأن الديموقراطية هي (حكم الشعب من أجل الشعب)،حيث يختار الشعب من يمثله في تدبير الشؤون السياسية والإقتصادية عن طريق صناديق الإنتخابات، لكن هؤلاء لا يهمهم إلا خدمة مصالحهم الشخصية طمعا في البقاء على كرسي السلطة في مركز القرار لأطول مدة ممكنة و استعباد الأمة. إنها إدارة العقل العربي بآليات غربية و هندسة فكرية خطيرة، ذات تصنيف مرحلي متكامل، يهدف إلى تقنين بنود الفساد و الهيمنة على مستقبل ومتطلعات الشعوب. لذا كلما شعرت الحكومات العربية بزعزعة استقرارها عملت على افتراء مخدر من (وعود كاذبة و خلق مبررات واهية) كمسكن للعقول من أجل زراعة الأمل في المجهول،تفاديا للهيجان و الثورات الشعبية بسبب السخط العرم الذي نفدت أمامه جميع محاولات الصبر، وذلك لما آلت إليه الأوضاع الإجتماعية من خروقات وانحرافات غير مسبوقة. لكن بما أن التقلبات و المنعطفات في الحياة لها علاقة خفية بالطبيعة البشرية. يظل الوعي البشري يتأرجح دائما بين التناقض و الانسجام، التعقيد و الغرابة.