دعم الغرب مهاجمة الهوية والقيم العربية خيارات خاطئة أم تراكم قناعات شخصية؟
نبدأ محاولة فهم الأشياء في الحياة انطلاقا من التجارب، لينتهي بنا المطاف في البحث عن مخرج من كل ما فهمناه في محاولة للنجاة. هل هو تفاعل سلبي مع البقع العمياء في الدماغ، أم هندسة فكرية صائبة أم مغالطات يستحسن اتباعها. إنها صناعة المعاناة و مغامرة سياسية ينهجها الغرب تمثل استراتيجية لها أهدافا ضاربة في العمق من أجل إعادة تدوير العقل العربي، ما نراه خيارات خاطئة تمس بالشخصية العربية، لكن تراكم قناعات بعض الشباب في تبني هذا المسار اللاأخلاقي يثير جدلا واسعا. في حين يعتمد أزلام العالم الغربي على افتعال مساقات نفسية واجتماعيّة غايتها زعزعة البنية الإجتماعية المتماسكة والنفسية المطمئنة للشعوب العربية من أجل السيطرة، عن طريق التسلل والإغراءات في انسجام مع تطلعات الأفراد و المجتمعات في إعداد أجيال مستقبلية عارية من لغتها الأم، معزولة عن تراثنا الثقافي والحضاري، قطعت أواصر جذورها التاريخية و تم تفريغها من أصالتها الثابتة، في محاولة لإعادة تشكيل الهوية الحضارية بمفهومها الغربي المتفتح على الرذيلة والحرية اللامشروطة، في ضرب مباشر للعقيدة والأصول والقيم. حيث أصبح انفتاح الشباب العربي و تأثيره بالحياة الغربية السلبية معضلة مؤرقة، دقت مخلفاتها ناقوس الخطر، نظرا لما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل من : – فقدان الهوية الثقافية -الشعور بالاغتراب الثقافي – المخاوف من تراجع القيم الأخلاقية – الاستهلاك دون مراعاة التبعيات الخطيرة لهذا لابد أن تقوم الأسرة بدورها في توعية الشباب و توجيههم في الحفاظ على القيم و الهوية. كما أن من المفروض على المدرسة المساهمة بمنطق الجدية في تأطير الطلبة و توعيتهم بقضايا هويتهم الثقافية و مخاطر غزو الثقافة الغربية وتأثيرها السلبي، مع تعزيز قيم الانفتاح والاعتدال. حيث من الواجب على المجتمع بدوره أن يعمل على توفير بيئة صحية للشباب، تشجع على التفكير النقدي وتعزيز القيم الإيجابية. بما فيها، الوعي من أجل المطالبة بالحقوق و تحسين الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية والسياسية، بما فيها تطوير المنظومة التعليمية العربية والعمل على توسيع وعاء الآفاق الفكري والإرتقاء بمستوى الوعي بالقضايا الدولية والإنسانية والاجتماعية. قال الطبيب النمساوي سيغموند فرويد :”وجود رأس في الجسد حقيقة ثابتة ، لكن وجود عقل داخل الرأس تلك مسألة فيها النقاش”. في هذا العالم المضطرب، هل بوسعنا أن نتدخل في النقاش العام لنوضح رهاناته ونكشف عن شروط الأجوبة الممكنة؟ ، و هل هناك عقل فلسفي من دون وظيفة نقدية تتجاوز المعرفة لتطال الثقافة ذاتها؟ إنطلاقا من الثقافة، نستطيع إعادة تشكيل كل شيء: من الإعلام إلى السلطة، إلى المعرفة. عكس “الجهل الجديد”، ذلك الشكل المعاصر من الجهل المركب الذي لا يقصد به غياب المعلومة، بل يراد به تدمير المعنى والثقافة. تستند الرؤية إلى اعتبار شباب العرب مخالفا، في حين يعتبر التصور الإيديولوجي الغربي عاملا رئيسا في تغريب هؤلاء الشباب وإقصائهم من مرحلة التعايش الإيجابي الأسري والمجتمعي. لذا، من واجبنا أن ندعو هنا، إلى تجاوز الإطار الضيق للتبعية و اللامبالاة ، وإلى ممارسة نقد جذري للتحولات الممنهجة والمفتعلة التي يعيشها الشباب العربي. وذلك من أجل استعادة المعنى الأصلي للإنسان ككائن ملموس، هذا الكائن الذي صار أكثر غموضًا وتعقيدًا في عالم باتت تقدّس فيه السرعة على حساب الفهم.